قوله تعالى: {ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين 142 ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين 143 ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين 144}
  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - عظيم نعمته وقدرته في الإنعام عطفًا على ما بين من أمر الزرع والثمر، فقال سبحانه: «وَمِنَ الْأَنْعَامِ» أي: وأنشأ من الأنعام «حَمُولَةً وَفَرْشًا» فيه أقوال:
  الأول: الحمولة كبار الإبل، والفرش الصغار، عن عبد اللَّه وابن عباس بخلاف، والحسن ومجاهد وأبي علي.
  الثاني: الحمولة ما يحمل عليه من الإبل والبقر والفرش الغنم، عن الحسن وقتادة والربيع والسدي والضحاك وابن زيد.
  الثالث: الحمولة كل ما يحمل من الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير، والفرش الغنم، كأنه ذهب إلى أنه يدخل في الأنعام الحافر على الإتباع، عن ابن عباس.
  الرابع: أنشأ لكم من الأنعام ما تنتفعون به في الحمل وما تفترشونه للذبح، ومعنى الافتراش الاضطجاع للنحر، وهذا كقوله: {فإذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} عن أبي مسلم، وتوقف في أن العرب تسمي صغار الغنم الفرش، وعن الربيع بن أنس: الفرش ما يفرش للذبح، وعن ابن زيد: الفرش ما (يجلب) ويؤكل ويتخذ صوفها ولبنها.
  الخامس: الفرش ما يفرش من أصوافها وأوبارها، وما يفرش ويبسط، عن أبي علي حكاه القاضي، وقد شنع بعضهم على أبي علي حيث تأول الفرش على ذلك، وهو إنما تأوله على ذلك لَمَّا توقف فيه أبو مسلم، وذكر أنها الذي يفترش للذبح، وذلك غير ظاهر في اللغة، والأحسن ما تأوله عليه أبو علي؛ لأنه بين أنه أنشأ من الأنعام ما ينتفع به في الحمل، وينتفع به في الفرش والبُسُط ويحتمل أنه سمي فرشًا لما يتخذ من صوفه من الفرش كما يسمى حمولة لما يحمل عليه.
  «كُلُوا» أي: استحلوا أكلها، فعلى هذا هو أمر، وقيل: أراد نفس الأكل فيكون بمعنى الإباحة «مما رَزَقَكُم اللَّهُ» أعطاكم اللَّه، ولا تحرموها كفعل أهل الجاهلية في الحرث والأنعام، «وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ» قيل: ما يتخطى بكم الشيطان إليه من