قوله تعالى: {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين 6 فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين 7 والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون 8 ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون 9}
  ومنها: أن الأنبياء بلغوا وأدوا ولم يقصروا.
  ومنها: يعلم أن الكفار استحقوا العذاب بأفعالهم.
  ومنها: ما يزداد أهل الإيمان سرورا بالثناء الجميل عليهم، ويزداد غم الكفار وحسرتهم بما ظهر من أفعالهم القبيحة.
  ومنها: كونه لطفًا لنا إذْ أخبرنا به.
  ومتى قيل: أليس قال تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ٣٩} وقال: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٩٢}، فكيف تليق هذه الآيات؟
  قلنا: فيه وجوه:
  قيل: لا نسأل سؤال استعلام، ولكن سؤال تقريع وتبكيت، لذلك عقبه {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ}.
  وقيل: إنهم يُسْألون، ثم تنقطع المسألة عند قرارهم في الدارين، فالسؤال يكون في القيامة.
  وقيل: معناه لا يسأل عن ذنب مذنب إنس ولا جان، ولكن يسأل كل مذنب عن ذنبه.
  وقيل: في القيامة مواقف ففي بعضها يسأل، وفي بعضها لا يسأل، ثم بَيَّنَ - تعالى - أنه يسألهم لا لاستفادة علم ولا لخفاء شيء عليه؛ لأنه عالم بتفاصيل ذلك لم يزل ولا يزال، وأنه يخبرهم فقال سبحانه: «فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ» أي: نخبرهم بجميع أفعالهم؛ ليعلموا أن أعمالهم كانت محفوظة، وليعرف كل أحد جزاء عمله، وأنه لا ظلم عليه وليظهر لأهل الموقف أحوال الخلق، وإنما ذكر (لنسألن) بلفظ الجمع على ما جرت به العادة من كلام العظماء، وروي عن النبي ÷ أنه - تعالى - يسأل كل أحد بكلام له ليس بينه وبينه ترجمان، فيقول له: أتذكر يوم فعلت كذا وكذا حتى يذكره جميع ما فعل في الدنيا، وقيل: الملائكة تقصه عليهم بأمره تعالى، قال ابن عباس: