قوله تعالى: {قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين 12 قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين 13}
  ومنها: أنه ظن المفاضلة بالخلقة، وهو جهل؛ لأن المفاضلة بالأعمال، ولا معتبر بأصل الخلقة.
  ومنها: أنه ظن التفاوت بين الأرض والنار، وفضل أحدهما على الآخر وجميعها جواهر من جنس واحد، وإنما اختلفت بالأعراض، فظن التفاوت فيما لا تفاوت فيه.
  ومنها: أنه ظن أنه لا يجوز أن يسجد الأشرف للأدون، وهذا باطل لأنه استصلاح ولطف لا ثواب واستحقاق، ولا يعتبر فيه بأصل الخلقة.
  ومنها: أنه اعتقد أن النار خير عن الأرض، وهو خطأ؛ لأنه [إنْ] اعتبر كثرة المنافع، فالأرض أكثر منافع من النار؛ لأن النار مضيئة حارة، فيها منافع لكن الأرض.
  مقر الخلق والنار وموضع العيون والزرع والضرع والأشجار والنبات والرياحين وأجناس المعادن وغير ذلك من المنافع التي يتعذر عدها، والنار لا ينتفع بها إلا في الأرض، والأرض ينتفع بها من دون النار.
  ومنها: أن الملائكة خير منه سجدوا له بالأمر ولم يسجد تكبرًا وحسدًا، وهذا جهل.
  ومنها: أن الفضل لا ينقص بائتمار أمر اللَّه والسجود لآدم بل يزيد، وهو ظن خلاف ذلك.
  ومنها: أنه رد أمر اللَّه وهو رب الخلق.
  ومتى قيل: فلماذا لم يجبه اللَّه - تعالى - ولم يرد عليه؟
  قلنا: رد عليه بأن لعنه وأوجب عليه العذاب، ولم يبين هذه الأجوبة تحقيرًا له؛ لأنه ليس كل سؤال يسوى الجواب؛ لأنه وكل ذلك إلينا حيث أظهر العداوة لنا [وإلى الملائكة] «قَالَ» اللَّه عند ذلك لإبليس: «فَاهْبِطْ مِنهَا» أي: انزل وانحدر منها قيل: من السماء، عن الحسن، وقيل: من الجنة، عن أبي علي، وقيل: من الدرجة الشريفة التي كانت له، عن أبي مسلم، وروي أنه كان رأس خزان الجنة، ومفاتيح الجنان بيده،