التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال أنظرني إلى يوم يبعثون 14 قال إنك من المنظرين 15 قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم 16 ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين 17}

صفحة 2513 - الجزء 4

  قلنا: فيه خلاف.

  قلنا: هو استفهام تقديره: فبأي شيء أغويتني لأقعدن. وقيل: لأجل أنك أغويتني [لأقعدن]، وقيل: (ما) المصدر في موضع القسم؛ أي: بإغوائك إياي لأقعدن، كقوله: {بما غَفَرَ لِي رَبِّي}.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - ما كان من إبليس عند طرده ولعنه، قال: {قَالَ} يعني إبليس {أَنْظِرْنِي} أمهلني وأخرني، فلا تمتني. وقيل: أنظرني في الجزاء إلى يوم القيامة، لما خاف تعجيل العقوبة. وقيل: سأل الإنظار لا لصالح [الخلق]، ولكن لضلال الخلق {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} قيل: يبعثون من قبورهم، وهو يوم القيامة.

  ومتى قيل: ما وجه سؤاله مع أنه مطرود وملعون؟

  فجوابنا: بإحسانه - تعالى - إلى خلقه من أطاع، ومن عصى، فلم يمنعه من السؤال ما ارتكب من المعصية.

  {قَالَ} يعني اللَّه - تعالى - لإبليس {إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} من المؤخرين.

  ومتى قيل: هل حاطه بهذا؟

  قلنا: يحتمل ذلك، ويحتمل أنه أمر بذلك فخاطبه به.

  واختلفوا، فقيل: لم يُنْظَر إلى يوم القيامة ولكن إلى يوم الوقت المعلوم، وهو وقت الموت، عند السدي وجماعة. وقيل: الوقت المعلوم عند اللَّه، لا عند إبليس.

  وقيل: بل أُنْظِرُ إلى يوم القيامة.

  ومتى قيل: هل يجوز إجابة دعوى الكافر؟

  قلنا: فيه خلاف.

  الأول: قيل: لا، لأنه إكرام وتعظيم، عن أبي علي، ولذلك يقال: فلان مستجاب الدعوة، وأُنظِر لا على سبيل إجابة دعائه لأنه ملعون، ولأنه لم يسأل على