قوله تعالى: {قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين 18 وياآدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين 19 فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين 20 وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين 21}
  قلنا: قد كفى فيه جواب القسم وكان أحق بالذكر؛ لأنه في صدر الكلام ولو كان في جنبي الكلام كان الجزاء أحق منه كقولك: إن تأتِ واللَّه أكرمك، ولا يجوز أن يكون (مَنْ) بمعنى الذي؛ لأنها لا تقلب الماضي إلى المستقبل.
  ويقال: لم قيل: «منكم» والمخاطب واحد؟
  قلنا: على التغليب للخطاب على الضمير كما يغلب المذكر على المؤنث، وكتغليب الأخف على الأثقل في العمرين.
  ويقال: ما موضع «فتكونا» من الإعراب؟
  قلنا: فيه وجهان: نصب على الجواب، وجزم على النهي.
  ويقال: ما المحذوف من «إلا أن تكونا ملكين»؟
  قلنا: فيه خلاف، قيل: اللام كأنه قيل: لئلا تكونا ملكين، وقيل: كراهة أن تكونا ملكين.
  «أجمعين» في موضع جر؛ لأنه نعت الكاف والميم في «منكم».
  · المعنى: ثم بيّن - تعالى - ما خاطب به إبليس من الهوان، وما آتى آدم من الإكرام، وما أظهر إبليس عند ذلك من العداوة حسدًا، فقال سبحانه لإبليس: «اخْرُجْ» قيل: قاله مخاطبة وعلم بمعجزة أنه كلامه، وقيل: قاله على لسان بعض الملائكة، عن أبي علي. «اخْرُجْ مِنْهَا» قيل: من الجنة، عن أبي علي. وقيل: من السماء، عن الأصم. وقيل: من المنزلة الرفيعة التي كانت له في الجنة والعبادة، عن أبي مسلم. «مَذْءُومًا» قيل: مذمومًا، عن زيد وأبي مسلم. وقيل: معيبًا، عن المبرد. وقال أبو علي: مستقبلاً