قوله تعالى: {قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين 18 وياآدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين 19 فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين 20 وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين 21}
  ما تكره، وقيل: مهانًا، عن ابن عباس. وقيل: لعينًا، عن قتادة. وقيل: مطرودًا، عن السدي. «مَدْحُورًا» قيل: مطرودًا، عن مجاهد والسدي والأصم وأبي علي. «لَمَنْ تَبِعَكَ» أي: أطاعك واقتدى بك «مِنهُمْ» أي: من بني آدم «لأملأَنَّ جَهَنَّمَ» يعني منك ومن ذريتك وكفار بني آدم «أَجْمَعِينَ» وإنما قال ذلك؛ لأنه لا يكون في جهنم إلا إبليس وحزبه من الشياطين وكفار الإنس وفساقهم الَّذِينَ انقادوا له وتركوا أمر اللَّه لأمره فجمعهم في الخطاب.
  ومتى قيل: لم ضيق جهنم ووسع الجنة؟
  قلنا: لأن جهنم حبس والجنة. دار ملك.
  ومتى قيل: فما الفائدة في قوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ}؟
  قلنا: لطفًا ليكون المكلف تبعًا للأنبياء دون الشياطين، ولطفا لإبليس وحزبه؛ لأنه عابه في النهي والزجر.
  «وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ» يعني حواء وذكرها بلفظ التذكير؛ لأن الإضافة إلى آدم إنابة عن المعنى فكان الإيجاز من غير إخلال بالمعنى أحسن «الْجَنَّةَ» قيل: جنة من جنان السماء، عن أبي علي وأبي هاشم. وقيل: جنة الخلد عن جماعة، وهو اختيار علي بن عيسى، وقد تقدم ذكر هذه القصة، والفائدة في إعادتها أن القرآن نزل في بضع وعشرين سنة، والعوارض تعرض، والوفود تقدم، فكانت القصة [تعاد ليسمع] من لم يسمع استصلاحًا ولطفًا، ولأن في إعادة قصة واحدة في مواضع بألفاظ مختلفة كل واحد في نهاية الحسن من إعجاز القرآن «فَكُلَا» هو إباحة بأمر «مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا» أي: من نعيمها «وَلاَ تَقْرَبَا» أي: تجنبا «هَذِهِ الشَّجَرَةَ» وقيل: هو نهي وتحريم إلزام، وقيل: نهي تنزيه، والأكثر على الأول، واختلفوا في الشجرة، قيل: العنبة، وقيل: