قوله تعالى: {يابني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون 27 وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون 28}
  وعن مالك بن دينار: أن عدوًّا يراك ولا تراه لشديد المؤنة إلا من عصم اللَّه.
  وعن ذي النون: إن كان هو يراك من حيث لا تراه فاللَّه يراه من حيث لا يراه، فاستعن بِاللَّهِ عليه، فإن كيد الشيطان كان ضعيفًا.
  وتدل على أن الشيطان وحزبه على صفة من الرقة لا نراهم، وحال الشعاع على ما هو عليه.
  وتدل على بطلان قول العامة: إن الشيطان يتصور لنا ونراه، بل من اعتقد أنهم يصورون أنفسهم، فذلك كفر؛ لأن المصور هو اللَّه تعالى.
  ومتى قيل: أليس يُرون زمن الأنبياء، ويرى المعاين الملك؟
  فجوابنا: أنه يزداد قوة الشعاع أو تتكاثف أبدانهم فتكون معجزة للنبي، ولذلك زادهم اللَّه قوة، ومع سليمان معجزة له.
  وتدل على أن الشيطان ولي العصاة؛ لأنهم يتبعونه.
  ويدل قوله: «وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا» على بطلان التقليد.
  وتدل على بطلان الجبر من وجوه:
  أحدها: قوله: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ» وعندهم لو أَمَرَ به جاز.
  وثانيها: أنه حذر من الشيطان فلو كان وسوسته خلقًا له، وقَوْلُ الكافر وكفره خلقًا له لما كان للتحذير منه معنى، بل كان هو أولى بالتحذير.
  وثالثها: أنه أضاف الفاحشة إليهم والقول بغير علم، فيبطل قولهم في المخلوق.
  وتدل على التحذير من كل ضال ومبتدع ومشبه وملحد؛ لأنه بمنزلة الشيطان في الدعاء إلى الضلال، فينبغي أن نتبع الأدلة ليظهر الحق فنتبعه، ونجتنب دعاة