قوله تعالى: {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون 29 فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون 30}
  بعده، فأغنى عن ذلك، وقيل: نصب ب «تعودون» فريقًا على الحال، والثاني عطف عليه، عن الفراء، ولو رفع على تقدير أحدهما كذا، والآخر كذا جاز، كقوله: {تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} به.
  «وأقيموا» قيل: إنه عطف على ما تقدم؛ أي: احذروا الشيطان فلا تطيعوه.
  وأقيموا وجوهكم، عن أبي مسلم. وقيل: تقديره: أمر ربي بالقسط، وبأن تقيموا.
  وقيل: تقديره: قل أمر ربي بالقسط، وقل: أقيموا وجوهكم، وإن ما قال حقًا.
  و (الضلالة) مؤنثة؛ لأنه مصدر مثل الضلال، فذهب إلى تذكيره؛ لأن تأنيثه غير حقيقي.
  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟
  قلنا: فيه وجوه:
  قيل: لما بَيَّنَ أنه لا يأمر بالفحشاء كما زعم الكفار، وهو اسم جامع للقبائح، عَقَّبه ببيان ما يأمر به، فجاء باسم جامع لجميع الخيرات، وهو القسط الذي هو العدل والاستقامة، ثم عقبه بالوعد والوعيد، عن أبي مسلم والقاضي.
  وقيل: لما بين أن الشياطين أولياء الكفرة بَيَّنَ ما به يصير أولياء اللَّه تعالى.
  ويقال: بم يتصل قوله: «كما بدأكم تعودون»؟
  قلنا: فيه أقوال:
  قيل: إنه كلام مستأنف، أي: يعيدكم بعد الموت فيجازيكم، عن أبي مسلم.
  وقيل: يتصل بقوله: «فيها تحيون وفيها تموتون» فعلم أن مشركي العرب ينكرون