التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون 29 فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون 30}

صفحة 2540 - الجزء 4

  البعث، فدل عليهم بقوله: «عما بدأكم تعودون» في كلام وجيز، وبيان عجيب، ودليل ظاهره «كما بدأكم» من التراب، يعيدكم من التراب، عن الأصم.

  وقيل: يتصل بما قبله أي: ادعوا اللَّه مخلصين؛ لأنه كما بدأكم تعودون، فيجازيكم.

  · المعنى: «قُلْ» يا محمد لهم «أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ» قيل: بالعدل، عن مجاهد والسدي. وقيل: بالتوحيد، عن الضحاك. وقيل: بلا إله إلا اللَّه، عن ابن عباس. وقيل: بجميع الطاعات والقرب، عن أبي مسلم، وهو الوجه «وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» قيل: توجهوا إلى قبلة كل مسجد في الصلاة على الاستقامة، عن مجاهد والسدي وابن زيد. وقيل: توجهوا إلى الكعبة في صلاتكم، عن أبي علي، وأكثر المفسرين. وقيل: توجهوا بالإخلاص لله لا لِوَثَنٍ ولا لغيره، عن الربيع. وقيل: إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد فصلوا فيه، فإن لم يكن عند مسجد فليصل في أي مسجد شاء، عن الضحاك. وقيل: أراد بالمسجد أوقات السجود، وهو أوقات الصلاة؛ أي: أقيموا وجوهكم الجهة التي أمركم اللَّه بالتوجه إليها عند الصلاة في مواقيتها، وقيل: أراد به سائر العبادات أن يجعلها خالصة لله من الرياء والمحبطات «وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ» قيل: اعبدوه بالإخلاص، ولا تشركوا به شيئًا «لَهُ الدِّينَ» يعني الطاعة والعبادة، وقيل: ما يدان به «كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» قيل: كما خلقكم أحياء لا من شيء أولاً تعودون أحياء بعد الموت والفناء، عن ابن عباس والحسن ومجاهد وابن زيد وأبي علي وأبي مسلم. وقيل: يعودون على ما ماتوا عليه، المؤمن على إيمانه، والكافر على كفره، عن ابن عباس بخلاف وجابر ومجاهد. وقيل: بدأهم في التراب يعني آدم، وتعودون إلى التراب، عن قتادة والأصم. قيل: كما بدأكم عرايا، تعودون عرايا لا شيء معكم، عن الربيع بن أنس.