قوله تعالى: {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون 29 فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون 30}
  واختلفوا، قيل: ذكر هذا على وجه الحجاج؛ لأنهم كانوا لا يقرون بالبعث، عن الزجاج. وقيل: أمر بالإقرار به كأنه قال: أقروا بأنه كما بدأكم تعودون، عن قطرب.
  «فَرِيقًا» أي: جماعة «هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيهِمُ الضَّلالَةُ» فيه أقوال:
  قيل: فريق هداه اللَّه فاهتدى؛ لأنه وإن هدى الجميع فمن لم يهتد لا يطلق بأنه هداه اللَّه، وفريقًا حق عليهم أنهم ضالون.
  وقيل: هدى أي: حكم بهدايتهم مدحًا لهم بأنهم مهتدون وذمًّا لأولئك بأنهم ضالون.
  وقيل: المراد بالهدى الدلالة التي يشرح بها صدور هَؤُلَاءِ للاهتداء، ويضيق بها صدر أولئك، وذلك أن المؤمن نظر فعرف، وهَؤُلَاءِ لم يعرفوا؛ إذ لم ينظروا وبقوا متحيرين تضيق صدورهم، عن الأصم.
  وقيل: هداهم بالألطاف التي فعلها بهم فاهتدوا عنده، وخذلان أولئك أنه لا لطف لهم.
  وقيل: الهدى إلى طريق الثواب، والإضلال عنه بالعقاب في النار، عن أبي مسلم وأبي علي. ومعنى حَقَّ: وَجَبَ.
  «إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ» بيّن اللَّه أنه لم يبدأهم بالعقوبة، ولكن جازاهم على عصيانهم [ولاتباعهم] الشياطين، والمعنى: اتخذوا الشياطين لنصرهم من دون اللَّه، ومعنى أولياء: أنصار، وقيل: أرباب، وقيل: اتخذوهم أولياء بأن أطاعوهم، عن أبي مسلم «مِنْ دُونِ اللَّهِ» أي: ما اتبعوا أمر اللَّه «وَيَحْسَبُونَ» ويظنون «أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» في ذلك أنهم على هداية وحق فيما اعتقدوا.