التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين 31 قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون 32}

صفحة 2545 - الجزء 4

  ومتى قيل: ما وجه شبهتهم في الطواف عرايا؟

  قلنا: فيه قولان: أن الثياب دنستها المعاصي. الثاني: تفاؤلاً بالتعري.

  «وَكلُوا وَاشْرَبُوا» مما أباح اللَّه، قيل: هو عام في جميع المباحات، وقيل: في اللحم واللبن في حال الإحرام «وَلا تُسْرِفُوا» يعني لا تجاوزوا الحلال والحرام، وقيل: الإسراف ما قصر به عن حق اللَّه، وأنفق في معصية اللَّه، عن مجاهد. وقيل: لا تسرفوا أي: لا تحرموا الحلال، عن الكلبي «إِنَّهُ لَا يُحِبُّ» أي: لا يريد إكرامهم وتعظيمهم «الْمُسْرِفِينَ».

  ثم أكد ما تقدم، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد لهم «مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ» يعني مَنْ منع مِنْ لبس اللباس الحسن والثياب؟ وقيل: من حرم أخذ اللباس في الحج والطواف؟ «وَالطَّيّباتِ مِنَ الرّزْقِ» أي المستلذ مما أعطاكم اللَّه، وقيل: الحلال من الرزق، والأول أظهر لخلوصه يوم القيامة.

  واختلفوا في ذلك الرزق، قيل: ما حرمه أهل الجاهلية من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، عن ابن عباس والحسن وقتادة.

  وقيل: السمن واللبن، وكانوا يحرمون ذلك في الإحرام، عن ابن زيد والسدي.

  وقيل: الغنائم والخُمس.

  وقيل: الأغذية الطيبة ما لم يبلغ سرفًا، عن أبي علي.

  وقيل: الحلال الذي أحل لنا اللَّه تعالى.

  «قُلْ» يا محمد لهم مَنْ حرمه؟ فإذا عجزوا عن الجواب فقل: «هِيَ» يعني الطيبات «لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قيل: إنها في الدنيا مشتركة بين المؤمن والكافر، وفي الآخرة خالصة لهم دون أعدائهم من المشركين، عن ابن عباس