التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين 31 قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون 32}

صفحة 2546 - الجزء 4

  والحسن والضحاك وابن جريج وابن زيد. وقيل: خالصة لهم من سائر مضرة تلحقهم، بخلاف ما في الدنيا؛ لأنها مشوبة، عن أبي علي والأصم وأبي مسلم. «كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ» أي: نبين ونشرح الحجج والأدلة «لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» قيل: يعلمون حال الآخرة، وقيل: يعلمون الأدلة وينظرون فيها، وقيل: لكل عاقل، عن أبي علي وأبي مسلم. وقيل: لقوم شأنهم أن يعلموا الحق، عن الأصم.

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الستر في الصلاة؛ لأنه مفعول عند المسجد؛ ولذلك قال: «عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» ولو كان المراد به الطواف كان المسجد واحدًا، فالظاهر ما ذكرنا، وإن اختلفوا في سبب نزوله، فالمراعى لفظ الآية لا سببه، ثم يدخل فيه الطواف والجمعة والأعياد وسائر الصلاة.

  ومتى قيل: ما المراد بالمساجد؟

  قلنا: يحتمل الصلاة موضع الصلاة، والمساجد المبنية، لكن الظاهر أنه المساجد المبنية، فلا وجه للعدول عنه إلا بدليل، وكل بيت للصلاة، فعلمنا أن الستر للصلاة.

  وتدل على تأكيد وجوبها في الصلاة؛ لأن في سائر الحالات، وإن وجب سترها فقد يجوز كشفها بحال، وفي الصلاة لا يجوز، ولو كشفت فسدت الصلاة، فصار من شرائط الصلاة؛ فلهذا خصه بالذكر، ولأن وجوبه لغيرها لا يمنع وجوبه لها، فلا يتوجه عليه سؤال، ولا خلاف أن الواجب في الصلاة ستر العورة، ثم اختلفوا، فقال أبو حنيفة: السرة ليست بعورة، وقال الشافعي: عورة، وقال أبو حنيفة: الركبة عورة، وقال الشافعي: ليست بعورة، وأكثر العلماء على أن الفخذ عورة، وقال أصحاب الظاهر: ليس بعورة.

  والحرة: جميع بدنها عورة إلا الوجه والكف والقدم عند أبي حنيفة، وروي عن الهادي أن القدم عورة.