التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين 69}

صفحة 427 - الجزء 1

  في المرة الثانية بظاهر الأمر وترك المراجعة، فلما راجعوا تغيرت مصلحتهم إلى تكليف ثالث، وهذا هو الصحيح.

  ويُقال: لم قلتم: إنه تكليف بعد تكليف، وليس ببيان؟

  قلنا: لوجوه: أحدها: أن الأمر الأول لا يحتاج إلى بيان، ولو احتاج لما جاز تأخير البيان عن وقت الخطاب. ومنها: أن العلماء أجمعوا على أنهم لو ذبحوا بقرة أَجْزَأَتْ عنهم، فلما رجعوا وَبَيَّنَ صفة البقرة اشتد عليهم فلم يُجِزْ إلا بقرة موصوفة فكان تكليفًا غير الأول، ومنها: أن قوله: «فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ» استبطاء وذم لهم، فلولا أنهم مقصرون لما صح ذلك، ولو كان يلزمهم الفعل عند آخر البيان لما كانوا مقصرين، ولما استحقوا الذم.

قوله تعالى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ٦٩}

  · اللغة: اللون: لون كل شيء، وهو هيئة يفصل بها بينه وبين غيره، كالسواد والبياض، واللون عَرَضٌ يتعاقب على الجوهر، واختلفوا فقيل: اللون الخالص خمسة: السواد، والبياض، والحمرة، والصفرة، والخضرة، عن أبي علي وأبي هاشم، وقيل: اثنان: السواد والبياض، عن أبي القاسم.

  ويقال: هل يخلو الجوهر من اللون؟

  قلنا: قيل: نعم بخلاف الأكوان، عن أبي هاشم، وقيل: لا، عن أبي علي وأبي القاسم.

  ويقال: هل يدخل اللون تحت مقدور العباد؟

  قلنا: لا عن الأكثر، وعن بعضهم متولدًا لا مباشرًا.