التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين 50 الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون 51}

صفحة 2581 - الجزء 4

  نجازيهم على نسيانهم بأن نتركهم في النار، عن أبي مسلم. «كَمَا نَسُوا» قيل: كما تركوا طاعة اللَّه، وقيل: كما تركوا الاستدلال حتى نسوا العلم وتعرضوا للنسيان، وقيل: لاشتغالهم بملاذ الدنيا صير ذلك سببًا لنسيانهم، وقيل: المراد بالنسيان ما هم عليه من الجهل بالآخرة، عن القاضي. «وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ» بحججنا، قيل: القرآن، إنهم ينكرون ذلك، أي يفعل ذلك بهم بجحدهم الحق والحجة.

  · الأحكام: تدل الآية على إظهار أهل النار شدة افتقارهم وحاجتهم إلى الماء وغيره لعظم ما نزل بهم.

  ومتى قيل: كيف يطلبون ذلك، أيرجونه أم هم آيسون، ويطلبون مع ذلك كما تقع منهم الاستغاثة والدعاء مع الإياس؟

  واختلفوا هل يريدون ذلك، فقال أبو علي: لا؛ لأنهم إذا علموا أنه لا نفع يقبح إرادته.

  وقال أبو هاشم: يجوز؛ لأن المطلوب يحسن فعله، فلا مانع من إرادته.

  وتدل على جواب يوجب اليأس.

  وتدل على أن اللعب بالدين كفر، وكل من لعب بالدين أو بشيء منه كفر، ولهذا قال مشايخنا: جد الكفر جد، وهزله جِدّ.

  وتدل على أن الاغترار بالدنيا مذموم، وأنه يؤدي إلى عواقب وخيمة.

  وتدل على أنهم يخلدون في النار.

  وتدل على أن اتخاذ الدين لعبًا فِعْلُهُم؛ لذلك وبخهم، فيبطل قول مخالفينا في المخلوق.