التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين 80 إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون 81 وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون 82 فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين 83 وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين 84}

صفحة 2625 - الجزء 4

  ويقال: [بم] ينتصب (لوطًا)؟

  قلنا: فيه وجهان:

  أحدهما: وأرسلنا لوطًا.

  والآخر: واذكر لوطا، عن الأخفش. ولا يجوز في نصب (عاد) و (ثمود) إلا: (وأرسلنا) لدخول (إلى) في الكلام.

  و (مطر) مصدر، ذكره للتأكيد كقولهم: ضربته ضربًا. ونصب «شهوة» على الحال، أي: في حال الشهوة.

  · المعنى: ثم عطف على ما تقدم بقصة لوط، فقال سبحانه: «وَلُوطًا» أي: وأرسلنا لوطًا، وهو لوط بن هارون بن آزر، ابن أخي إبراهيم # «إِذْ قَالَ لقوْمِهِ» وهم أهل سدوم، وذلك أن لوطًا شخص مع عمه مهاجرًا من أرض بابل، فنزل إبراهيم ~ فلسطين، وأنزل ابن أخيه لوطًا الأردن، فأرسله اللَّه إلى المؤتفكات، وهي سبع مدائن: سدوم، وعامورا، وداروما، وصوا، وصغر، وهي على يوم وليلة من فلسطين، وفي كل قرية منها مائة ألف مقاتل، وكانت سدوم أعظمها، وبها كان ينزل لوط # «أَتأتونَ الْفَاحِشَةَ» يعني إتيان الرجال في أدبارهم «مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ» قيل: ما نَزَا ذكر على ذكر حتى كان قوم [لوط]، عن عمرو بن دينار. وقيل: كان السبب في ذلك أنه كان في أرضهم ثمار وزروع كثيرة، وقيل: لم يكن في الأرض مثلها، فأصاب الناس قحط، فقصدهم الناس للميرة، فقال بعضهم لبعض: بأي شيء نمنعهم، فقال: اجعلوا سببكم من وجدتموه في بلادكم غريبًا نكحتموه، وغرمتموه أربعة دراهم، وقيل: إن إبليس جاءهم في هيئة جميلة، ومكنهم من نفسه، فجروا على ذلك، وقيل: عرض إبليس وصور لهم ذلك وزينه،