قوله تعالى: {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين 80 إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون 81 وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون 82 فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين 83 وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين 84}
  عن أبي إسحاق. وهذا يحمله على أنه عرض إنسان ذكر أنه إبليس، وقيل: كانوا لا ينكحون إلا الغرباء، عن الحسن.
  ثم بين الفاحشة التي يفعلونها، فقال سبحانه: «إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ» في أدبارهم «شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ» قيل: دون فرج النساء «بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ» مجاوزون الحد في معاصي اللَّه تعالى، وقيل: مشركون، وقيل: مجاوزون الحلال إلى الحرام «وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ» عند ذلك «إِلَّا أَنْ قَالُوا» يعني قال بعضهم لبعض «أَخْرِجُوهُم» يعني لوطا وأهل بيته «مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ» قيل: يتنزهون عن إتيان الرجال في الأدبار، عابوهم بما يتمدح به، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة. وقيل: يتطهرون: يتنزهون، عن الأصم. وقيل: يتطهرون يأتون النساء في الأطهار، عن أبي مسلم. «فَأَنْجَينَاهُ» خلصناه من العذاب «وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ» فإنها «كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ» من الباقين في العذاب، فأخرج جبريل لوطًا ومن آمن معه، وخلف امرأته، فإنها كانت على دين قومها من الكفر، وقيل: الغابرين في عذاب اللَّه، عن الحسن وقتادة وجماعة. وقيل: من الغابرين أي: [عن] النجاة، عن الزجاج. وقيل: الغابرين عن لوط، عن الأصم. وقيل: غبرت في من تخلد وهم الكافرون، عن أبي مسلم. وقيل: من الغابرين يعني من الباقين والمعمرين فيهم دهرًا طويلاً حتى هلكت فيمن هلك «وَأَمْطَرْنَا عَلَيهِم مَطَرًا» يعني أرسلنا عليهم الحجارة كالمطر يتلو بعضها بعضًا، فخلف مقيمهم ومسافرهم، فخسف بهم وأمطر الحجارة، فجمع ذلك عليهم، عن الأصم. وقيل: خسف بأهل المدائن، وأمطر الحجارة على المسافرين منهم، وسئل مجاهد: هل بقي من قوم لوط أحد؟ قال: لا، إلا رجل تأخر كان بمكة، فلما خرج من الحرم أصابه الحجر بعد أربعين يومًا فذلك قوله: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ٨٣}، «فَانْظُرْ» تدبر «كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ» إجرامهم. وعاقبة فعلهم.