قوله تعالى: {أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون 100 تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين 101 وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين 102}
  يقال: ما معنى (مِن) في قوله: «من عهد»؟
  قلنا: لاستغراق الجنس، وقيل: إنه يدخل على ابتداء الجنس إلى انتهائه.
  ويقال: [بمَ] يرتفع قوله: «يطبع»؟
  قلنا: على الاستئناف، عن الزجاج والفراء وأبي علي. ولا يجوز أن يتصل بقوله: «أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم»؛ لأنه لو كان كذلك لكان وجه الكلام: ولطبعنا، ويدل عليه قوله: «وهم لا يسمعون» وليس ذلك بنسق على «أصبناهم».
  ويقال: ما معنى (إنْ) في قوله: «وإن وجدنا» واللام في قوله: «لفاسقين»؟
  قلنا: (إنْ) للتأكيد وهي المخففة من الثقيلة، كقوله: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}، و (إن) تكون على أربعة أوجه: للشرط، والنفي، والإثبات، وتكون زائدة. واللام في قوله «لفاسقين» لام الابتداء التي تكسر لها (إن).
  وقوله: «يرثون» قيل: أراد به الحال، وهذه اللفظة مشتركة بين الحال والاستقبال.
  ويقال: ما معنى اللام في «لهم» وفي: «للذين يرثون» وغيره من الآيات؟
  قلنا: لام التعدية كما تدخل في كثير من الأفعال تعدى بها إلى المفعول كقوله: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} أي: عابرون الرؤيا.
  · المعنى: لما تقدم الموعظة بقصة الأمم عاد الخطاب إلى وعظ المخاطبين وهم الأنبياء المكلفون، فقال سبحانه: «أَوَلَم يَهْدِ لهم» استفهام والمراد التقرير؛ أي: قد هداهم وبيّن لهم ودلّهم وبالنون نبين عن ابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد. وقيل: أولم يبين للخلق ما نزل بالسلف حتى لا يعملوا مثل عملهم، وقيل: أولم يهدهم اللَّه، وقيل: ألم نهدهم ما بلونا من أنباء القرى، وقيل: أولم نهد أنا لو نشاء أهلكناكم