التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم 109 يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون 110 قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين 111 يأتوك بكل ساحر عليم 112}

صفحة 2663 - الجزء 4

  والإرجاء: التأخير، يقال: أرجأت الأمر وأرجيت إرجاء والمرجئة، والمرجئة: الَّذِينَ لا يقطعون في أصحاب الكبائر بعفو أو عقوبة.

  وأتى: جاء، وآتى أعطى، وأتى به: جاء به، والإتيان: الانتقال إلى مطلوب.

  · الإعراب: موضع (ما) من الإعراب في قوله: «فماذا تأمرون»؟ قيل: رفع بمعنى فما الذي تأمرون، وقيل: نصب بمعنى فأي شيء تأمرون، ويجعل (ما) مع (ذا) بمنزلة اسم واحد، وفي الجواب يبين الإعراب.

  ويقال: لم انجزم «يأتوك»؟

  قلنا: لأنه جواب الأمر، وعامل الإعراب فيه محذوف، وتقديره: فإنك إن ترسل يأتوك.

  ويقال: (كل) للعموم فَلِمَ دخل على الواحد في قوله: «بكل ساحرٍ»؟

  قلنا: لأنه في معنى الجمع، كأنه قيل: بكل السحرة إذا أفردوا ساحرًا ساحرًا إلا أنه إذا قال: بكل ساحر، فكل واحد مطلوب، فلو قال: بكل السحرة، كان المطلوب هو الجمع.

  والباء في قوله: «بكل» يحتمل وجهين:

  أحدهما: أن يكون بمعنى (مع)؛ أي: يأتون ومعهم كل ساحر.

  وثانيها: بمعنى التعدية في أَتَى وأتى به، كقولهم: ذهبْتُ وذَهَبْتُ به، وجئت وجئت به.

  «المدائن» منهم من يهمزها ومنهم من لم يهمزها، فمن همزها يجعل المدينة من الفعل فعيلة، ويجعل فعلها مدن، [ومن] لم يهمز جعل المدينة مَفْعِلَة، وجعل فعلها من دان يدين، ولا تهمز الياء؛ لأنها أصلية.