التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم 109 يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون 110 قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين 111 يأتوك بكل ساحر عليم 112}

صفحة 2664 - الجزء 4

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - ما قابل قوم موسى إياه، فقال سبحانه: «قَالَ الْمَلَأُ» قيل: الجماعة، عن أبي عليٍّ. وقيل: الأشراف، عن أبي مسلم. من قومه أي «مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ» ومعناه من جماعته الَّذِينَ قاموا بنصرته «إِنَّ هَذَا» يعني موسى ساحر مموه عليم حاذق، وقيل: إنه يأخذ على الأعين حتى يخيل إليهم العصا حية واليد بيضاء لما رأوا أعظم آياته ولم يمكنهم أن يقابلوه بشيء نسبوه إلى السحر وأنكروا نبوته محافظة على ملكهم ومالهم عنادًا وكفرًا «يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ» قيل: هو من كلام الملأ بعضهم لبعض: ماذا تأمرون في أمر هذا؟ عن الأصم، وأبي مسلم. وقيل: هو من كلام الملأ لفرعون خاطبوه على خطاب الملوك، عن الزجاج. وقيل: هو من كلام فرعون بتقدير: قال فرعون يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون، كقولك لجاريتك: قومي أيا قائمة، عن الفراء وأبي علي، وأنشد الفراء قول عنترة، وزعم أن فيه معنى الحكاية:

  الشاتِمَيْ عِرْضي ولَمْ أَشْتُمهما ... والناذِرين إذا [لمَ ألقهما] دَمي

  لأن المعنى: قال إذا لقينا عنترة لنقتله، واستشهد بعضهم بقوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ٥١ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ٥٢}.

  تقديره: قال يوسف: ليعلم الملك.

  «يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ» قيل: أرض مصر، وقيل: يعني أنه إنما قال: أرسل معي بني إسرائيل، ليجعل ذلك طريقًا إلى إخراجكم من أرضكم وإزالة ملككم بتقوية أعدائكم عليكم «فَمَاذَا تَأْمُرُونَ» فما الحيلة التي تأمرون بها في دفعه «قَالُوا» يعني الملأ «أَرْجِهْ وَأَخَاهُ» قيل: أَخِّرْهُ وهارون، عن ابن عباس والحسن، وعطاء والأصم