التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون 129 ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون 130 فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون 131}

صفحة 2684 - الجزء 4

  ويقال: ما موقع (الهاء) من الإعراب في قوله «هذه»؟

  قلنا: نصب لأنها ظرف للقول. والكناية في قوله: «أوذينا» محله الرفع؛ لأنه اسم ما لم يسم فاعله.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - جواب بني إسرائيل مما جرى بينهم وبين موسى وما أنزل بهم من النصر، فقال سبحانه: «قَالُوا» يعني بني إسرائيل الَّذِينَ آمنوا بموسى «أُوذِينَا» لَحِقَنَا الضرر من جهة فرعون بقتل الأبناء واستخدام النساء «مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا» بالرسالة «وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا» قيل: بالوعيد، وقيل: بإعادة القتل وأخذ المال والاستخدام، وقيل: بأخذ الجزية، عن الحسن. وقيل: هذا إنما قالوه استبطاءً لما وعدهم من النجاة من فرعون وملئه فقالوا: كنا في أذى منه قبل مجيئك، ولم يزل ذلك بمجيئك، فجدد موسى لهم الوعد عن اللَّه - تعالى - ليثقوا به فـ «قَالَ» لقومه «عسَى رَبُّكُمْ» قيل: (عسى) من اللَّه واجبة، عن الحسن. وقال أبو علي: عسى هذا يقين. وقيل: هو تطميع يعني كونوا على رجاء وطمع في ذلك «أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ» قوم فرعون، ففعل ذلك حتى غرق فرعون وقومه وهم ينظرون إليهم «وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ» أي: يُمَلِّككم الأرض من بعدهم، قيل: لم يُبِنْ وقت الفتح عليهم ببيت المقدس مع يوشع بن نون بعد موسى، وقيل: مع موسى، وفتح لهم مصر وغيرها من الديار زمن داود وسليمان فملكوها على ما وعدهم اللَّه - تعالى - «فَيَنْظُرَ» قيل: يرى، وقيل: يعلم يعني يظهر المعلوم لا أنه يستفيد علمًا، وقيل: ينظر أولياؤنا ما يكون منكم «كَيفَ