التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين 132 فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين 133}

صفحة 2688 - الجزء 4

  حركة عمل في نفس الحرف، لئلا يتعطل من العمل مع أن حروف المد واللين حجاب لحركات الإعراب.

  «آيات مفصلات» في موضع نصب إلا أن التاء زائدة، تقول: آية مفصلة، ونصبها على الحال؛ لأن المعنى: أرسلنا عليهم هذه الأشياء في هذا الحال.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - ما قابلوا به تلك الآيات وما فعل - تعالى - بهم، فقال سبحانه: «وَقَالُوا» يعني قوم فرعون لموسى # «مَهْمَا» قيل: معناه كلما «تَأْتِنَا» ومتى تأتنا، وقيل: معناه ما تأتنا، عن ابن زيد. «مِنْ آيَةٍ» حجة «لِتَسْحَرَنَا» يعني تموه علينا حتى تنقلنا عن دين فرعون، وقيل: توهم أنك صادق، عن أبي علي. «فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ» أي: بمصدقين، فأشاروا إلى الإصرار على الكفر وقلة النظر في الآيات، وكل من اعتقد شيئًا لا عن نظر جهلاً أو تقليدًا فلا ينظر في الآيات والأدلة فيه، وهكذا عادة المخالفين لنا ينفرون الناس عن النظر في الأدلة وعن استماع كلامنا، وهذه الآيات التي أشار إليها: العصا، واليد البيضاء، والسنون، ونقص الثمرات، فلم يعاجلهم اللَّه - تعالى - بالعقوبة، بل زاد في الآيات لطفًا لهم؛ لأن بعضهم قد يؤمن عندهم، وتأكيدًا لأمر موسى #، وقيل: لما زادوا في الكفر بعد إيمان السحرة ورؤية المعجزات دعا عليهم موسى فأرسل اللَّه - تعالى - عليهم هذه الأشياء، فقال سبحانه: «فَأَرْسَلْنَا عَلَيهِمُ الطُّوفَانَ» قيل: هو الغرق أرسل اللَّه عليهم ماء السماء، عن ابن عباس. وقيل: كان ذلك أمرًا من اللَّه - تعالى - طاف بهم، عن ابن عباس أيضًا، ومنه: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ} وقيل: هو الموت الذريع عن مجاهد وعطاء، ويروى مرفوعًا. وقيل: الطوفَان الطاعون أرسل اللَّه ذلك على منكري آل