التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين 132 فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين 133}

صفحة 2689 - الجزء 4

  فرعون فمات في ليلة ما اللَّه أعلم بعددهم، قيل: هو الماء طفا فوق حروثهم، عن أبي قلابة. وقيل: السيل الشديد عن الأخفش. وقيل: كثرة المطر حتى أفسد زرعهم، وهدم بيوتهم، ودخل دورهم، ولم يصب بني إسرائيل شَيءٌ من ذلك، عن أبي علي. وقيل: أتاهم المطر من السبت إلى السبت لا ينقطع ولا يرون شمسًا، فتضرعوا إلى موسى ووعدوه الإيمان إن كشف عنهم ذلك، فدعا اللَّه فكشف عنهم، وهبت الرياح، وجفت الأرض وأعشبت وأخرجت شيئًا كثيرًا، فقالوا: كان ذلك خيرًا لنا، فكفروا، فأرسل اللَّه عليهم ما ذكر وهو الجراد، قيل: أمر اللَّه - تعالى - موسى أن يشير بعصاه نحو المشرق والمغرب، ففعل، فانبث الجراد من الأفق، وجاء مثل الغمام، فأكل جميع تلك الزروع حتى أكل الأبواب وجذوع النخل وسائر الأبواب من الحديد، وحال بينهم وبين السماء، ولا يدخل بيوت بني إسرائيل، فعجبوا، وقالوا لموسى: اكشف عنا نؤمن بربك، ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا اللَّه فكشف عنهم، وقيل: أشار بالعصا نحو المشرق والمغرب فرجعت من حيث جاءت بعد أن أقامت عليهم سبعة أيام، فرأوا وقد بقيت لهم بقية تكفيهم سنتهم، فنقضوا العهد ولم يؤمنوا، فأرسل اللَّه عليهم القمل، قيل: هو الدَّبَى صغار الجراد التي لا أجنحة لها، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة. وروى معمر عن قتادة أنها أولاد الجراد، وقيل: هو السوس التي تخرج من الحنطة، عن ابن عباس وسعيد بن جبير. وقيل: هو البراغيث، عن ابن زيد. وقيل: كبار القردان، عن أبي عبيد والأخفش.

  قال أبو العالية: أرسل اللَّه - تعالى - القراد على دوابهم فأهلكها حتى لم يقدروا على الميرة، وقيل: دواب سود صغار، عن الحسن وسعيد بن جبير. وقيل: القمل، عن عطاء، واستشهد بقراءة الحسن.

  وقيل: أمر اللَّه - تعالى - موسى بأن يأتي كثيب رمل، فأتاه، فضربه بعصاه، فانشالت القمل، فأتت باقي ما في زرعهم وأشجارهم، ودخلت ماءهم وطعامهم،