قوله تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا ياموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون 138 إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون 139 قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين 140}
  موسى يوم عاشوراء بعد مهلكة فرعون، فصام ذلك اليوم شكرًا، عن الكلبي. «فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ» أي: يقبلون عليها ملازمين لها مقيمين عندها، والأصنام الأوثان، وكانوا يعبدونها، وقيل: كانت تماثيل البقر، وكان أول [شأن] العجل، عن ابن جريج. وقيل: كانوا بالرقة، عن قتادة. واختلفوا، فقيل: كان هَؤُلَاءِ القوم من لخم، وقيل: كانوا من الكنعانيين، وقيل: كانوا من القبط يعبدون أصنامًا تقربًا إلى فرعون بعبادة ما [نصب لهم]، فأرادوا أن ينصب لهم إلهًا يتقربون إلى اللَّه، عن الأصم.
  «قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا» قيل: كانوا جهلة غير محققين في الدين، وكانوا بعض بني إسرائيل؛ لأن فيهم من كانوا محققين، ولذلك ناقضوا من وجوه:
  أحدها: قولهم: اجعل لنا إلهًا، والمجعول لا يكون إلهًا.
  والثاني: أنهم لم يعلموا أن الأصنام ليست بآلهة.
  وقيل: أرادوا مثالاً يعبدونه تقربًا إلى اللَّه، عن الأصم.
  وقبيل: أرادوا أن يكون معبودهم مشبهًا هذا، عن أبي علي.
  وقيل: جوزوا عبادة غير اللَّه جهلاً، فسألوا ذلك، وهذا القول كفر منهم.
  «قَالَ» موسى لهم «إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ» ربكم وعظمته وصفاته، عن أبي علي. ولو علمتموه على ما يستحقه من الصفات حق معرفته لما قلتم هذا القول، وقيل: تجهلون أنه لا يجوز عبادة غير اللَّه تعالى، وقيل: تجهلون ما ينزل بكم بهذا القول «إِنَّ هَؤُلَاءِ» يعني القوم الَّذِينَ عبدوا الأصنام «مُتَبَّرٌ» مهلك مدمر «مَا هُمْ فِيهِ» يعني عبادتهم الأصنام، وقيل: العابد والمعبود مهلك «وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْملُونَ» قيل: قوله (كان) صلة، والمعنى: وباطل ما يعملون أي: عملهم لا يعود عليهم بنفع ولا يدفع عنهم ضرًّا فصار كأن لم يكن، وقيل: بطل عملهم حيث لم ينتفعوا به ويهلكهم، عن الأصم. و «قَالَ» موسى لقومه «أَغَيرَ اللَّهِ» استفهام والمراد الإنكار، يعني لا أبغي «أَبْغِيكُمْ» ألتمس وأطلب لكم، فحذف حرف الصفة «إِلَهًا» معبودًا تعبدونه سوى