التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين 142}

صفحة 2702 - الجزء 4

  والوعد لا يجمع. والميقات مفعال من الوقت كالميعاد من الوعد قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، والميعاد: المكان الموقت له، والوقت: الزمان، والموقوت: الشيء المحدود، والميقات: مصير الوقت، والفرق بين الميقات والوقت أن الميقات ما ورد ليعمل فيه عمل من الأعمال، والوقت وقت للشيء قدره مقدر أو لم يقدره؛ ولهذا يقال: مواقيت الحج.

  · الإعراب: «ثلاثين» منصوب ب «واعدنا»، والهاء في (أتممناها) يحتمل الليلة، ويحتمل العدة.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - تمام نعمه على بني إسرائيل بالكتاب وغيره، فقال سبحانه: «وَوَاعَدْنَا» قيل: وعد موسى بني إسرائيل - وهم بمصر - أنه إذا هلك فرعون أتاهم بآيات، فلما غرق فرعون سأل موسى ربه موعده ذلك، فأمره أن يصوم ثلاثين يومًا وينفرد بالعبادة، فلما صام أَمَرَهُ أن يقوم عشرًا أخر، وقيل: أمره أن ينفرد للصلاة ثلاثين يومًا ثم ينزل عليه التوراة في العشر «مُوسَى ثَلاثِينَ» ينفرد فيها للعبادة في المكان الذي وقت له، ثم أتم العشر، وقيل: أمره بأن يصوم ثلاثين ليلة، وقيل: وعده بقضاء ثلاثين يصوم فيها، ويترقب فيها المناجاة، ثم أتم بعشر.

  واختلفوا في هذه الأربعين.

  قيل: ذو القعدة وعشر من ذي الحجة، عن ابن عباس ومجاهد وابن جريج ومرزوق.

  وقيل: ذو الحجة وعشر من المحرم، عن بعضهم، حكاه الشيخ أبو حامد، وإنما قال: «وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ» لأنه أراد شهرًا وعشرة أيام، وقيل: لأنه أمره بالصوم ثلاثين يومًا ليخاطبه بالتوراة، فلما كان الحادي والثلاثون استاك ليقطع الخُلُوفَ، فجاءه