قوله تعالى: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين 143}
  وقيل: خرت الأصنام لوجهها، وخمدت نار المجوس «وَخَرَّ مُوسَى» أي: سقط «صَعِقًا» أي: مغشيًّا عليه، عن ابن عباس. والحسن. وابن زيد والأصم وأبي علي. ولم يمت، دليله قوله: «فَلَمَّا أَفَاقَ» ولا يقال للميت: أفاق، بل يقال: حيي، وقيل: صعقًا ميتًا، عن قتادة. وقيل: خر مغشيًّا عليه يوم الخميس يوم عرفة، وأعطي التوراة يوم الجمعة يوم النحر، عن الكلبي. وإنما غشي عليه استعظامًا لما رأى من الآيات، وقيل: مبالغة في الزجر واستعظامًا لِمَا سألوا موسى، فقيل امتحانا وابتلاءً «فَلَمَّا أَفَاقَ» من صعقته ورجع إليه عقله «قَالَ» موسى «سُبْحَانَكَ» أي: تنزيهك عن أن تجوز عليك الرؤية، وقيل: تنزيهًا لك أن تأخذني بما فعل السفهاء من سؤال الرؤية «تُبْتُ إِلَيكَ» قيل: تاب عن التقدم في المسألة قبل الإذن فيها، عن الأصم وأبي علي وأبي مسلم. وقيل: بل من صغيرة يذكرها، وقيل: هو على جهة التسبيح والتهليل ونحوه من الألفاظ التي تذكر عند ظهور جلائل الآيات، وعند الأمراض والمحن «وَأنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ» المصدقين، قيل: أول مؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك، عن ابن عباس والحسن. وقيل: أول المؤمنين من قومي باستعظام سؤال الرؤية، عن أبي علي. وقيل: [أول من آمن بك من] بني إسرائيل، عن مجاهد والسدي وأبي مسلم.
  · الأحكام: تدل الآية على حدوث الكلام؛ لأن ظاهره أنه كلمه حين جاء الميقات ولأن قوله: «لَنْ تَرَانِي» جواب عن سؤال، فإذا كان السؤال محدثًا كذلك الجواب، فدل ذلك على حدوث القرآن.
  ويدل قوله: «لَنْ تَرَانِي» على نفي الرؤية؛ لأنه نفى ذلك على التأبيد، ولأنه تمدح به، فيبطل قول من يُجَوِّزُ عليه - تعالى - الرؤية.
  وتدل على عظم الخطأ في سؤال الرؤية حيث خر موسى صعقًا لدكوك الجبل فأخذتهم الصاعقة.