التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين 146 والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون 147}

صفحة 2716 - الجزء 4

  «وَإنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا» جزم على الجزاء والجواب.

  · النظم: ويقال: كيف تتصل هذه الآية بما قبلها؟ وبأي موضع تتصل؟

  قلنا: قيل: فيه وجوه:

  أحدها: أنه تقدم ذكر معجزة موسى وما قابلها السحرة من السحر، وما رام فرعون من إبطالها حتى ظهر الحق، وبطل ما صنعوا، فبين في هذه الآية أنه يصرف ويمنع المبطل عن إبطال آياته ومعجزات أنبيائه فيفصل بما تقدم من قصة موسى وفرعون.

  وثانيها: لما تقدم ذكر معجزات موسى، وبَيَّنَ أنه لا يظهر معجزاته على من ليس بنبي تنبيهًا على صدق موسى ومحمد - صلى اللَّه عليهما - لمكان المعجزة.

  وثالثها: لما تقدم إهلاك فرعون بين أنه يمنع المتكبرين. مثل فرعون وغيره من ملوك [الأرمن] عن رسله وحججه أن يصلوا إليه بمكروه وقتل حتى يؤدوا الرسالة، عن الأصم.

  ورابعها: أنه خطاب لموسى #، وقيل: بل جميعه من قوله: «سَأَصْرِفُ ...» إلى آخر الآيات خطاب لنبينا محمد ÷ معترض بين قصة موسى أنه يصرف عن آياته المتكبرين كما صرف فرعون عن موسى.

  · المعنى: «سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ» قيل: سأمنع الجبابرة أن يصلوا إلى قهر أنبيائي وإبطال آياتي، وذلك المنع إما بهلاكهم وتعذيبهم، أو بنصرة الأولياء عليهم، عن الأصم.

  وقيل: سأمنعهم عن آياتي التي أنزلتها لطفًا للمؤمنين دون المعجزات التي تثبت بها النبوة؛ لأن الألطاف إنما تفعل بمن يعلم أنه يصلح عنده، فمن لا لطف له لا يفعل