قوله تعالى: {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين 148}
  الإهلاك، وعلى الأقوال الأخر يقولون: إنه وإن لم تكن عقوبة فيقع ذلك عند التكذيب؛ فلذلك أضاف إليه، وأن قوله: «وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ» أن المعارف مكتسبة ولا تعلق للمجبرة بالآية؛ لأنهم إن أولوا الآية أنه يصرف عن الدلائل فعندهم ذلك غير جائز، فلا بد أن يقولوا لمنعهم من الإيمان بها والتفكر فيها، وهذا خلاف الظاهر؛ لأن الظاهر الصرف عن الآيات فلا تعلق لهم بالظاهر، فإن أضمروا فليس إضمارهم أولى من إضمارنا، ثم هو - تعالى - أمرهم بالإيمان والتفكر، وَوَعَدَ عليه وأوعد على تركه، فيستحيل أن يمنعهم عنه، وبعد فإذا كان عندهم هو الخالق لجميع ذلك فكيف يصح ذلك على مذهبهم؟، وبعد، فإنه - تعالى - قال: {وَمَا مَنعَ النَّاسَ أَن يُؤمِنُوا} وهذا لا يصح مع المنع، ولأن عندهم يصرف غير المتكبر عن الإيمان فلا يكون لهذا الشرط فائدة، وبعد، فإذا كان خالق الرشد والغي اللَّه فأي معنى في قوله: «وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا» وإنما يصح ذلك إذا كان العبد فاعلاً مختارا، ويدل: «حَبِطَتْ أَعمالُهُمْ» أن العبد فاعل ويصرفه فعله، وليس بخلق لله تعالى.
  وآخر الآية يدل على أن أحدًا لا يؤاخذ إلا بعمله، ولا يجازى إلا على فعله، وذلك أيضًا يبطل قول الْمُجْبِرَةِ.
قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ١٤٨}
  · القراءة: قرأ يعقوب «حَلْيِهِمْ» بفتح الحاء وسكون اللام وبكسر الياء وتخفيفها على الواحد، وقرأ حمزة والكسائي بكسر الحاء واللام وتشديد الياء، وقرأ الباقون بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء، وهما لغتان، الضم والكسر.