قوله تعالى: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين 155}
  سؤال الرؤية عن جماعة من المفسرين، منهم السدي وأبو علي وأبو مسلم وابن إسحاق. «إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ» امتحانك وشدة تعبدك؛ لأنه لَمَّا نالهم الرجفة كلفوا الصبر، وفتنتك: بليتك، عن سعيد بن جبير وأبي العالية والربيع. وقيل: عذابك، عن ابن إسحاق. «تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ» قيل: تهدي بهذا الامتحان إلى الجنة والثواب من تشاء بأن يؤمن بها ويصبر عليها، وتعاقب من تشاء بألَّا يصبر عليها. وقيل: تهلك من تشاء، وقيل: أراد بها من يشاء، عن ابن عباس. وتقديره: تهلك من تشاء وتنجي من تشاء، وقيل: لما كانت المحنة كالسبب في هداية من اهتدى، وضلال من ضل جاز أن تضاف إليه «أَنْتَ وَلِيُّنَا» قيل: ناصرنا، وقيل: مالكنا والمتولي لأمورنا «فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الْغَافِرِينَ».
  · الأحكام: الآية تدل على أن ذلك الاختيار كان عن وحي؛ ولذلك أخر رجلين على ما روي في الخبر.
  وتدل على أن سؤال الرؤية لم يكن من موسى ولا من السبعين؛ لذلك قال: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} أضافه إلى غيرهم، وقد روي عن بعضهم في قوله: «وَإِيَّايَ» الإهلاك بقتل القبطي، وهذا جهل عظيم؛ لأن ذلك القتل إما أنه وقع مباحًا أو صغيرًا، فلا يجوز أن يقع الهلاك لأجله، وإنما قال ذلك انقطاعًا إليه - تعالى، واستعطافًا لمسألة الرؤية.
  ويدل قوله: «أنت ولينا» على وجوب الانقطاع إليه - تعالى - عند الشدائد.
  وتدل على أن غيره قد يغفر حتى يصح قوله: «خير الغافرين»، فأما عند الإطلاق فيوصف به القديم سبحانه.