قوله تعالى: {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون 156}
  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - ما دعا به موسى # وما أجيب به، فقال تعالى: «وَاكْتُبْ لَنَا» قيل: أوجب، وقيل: إن الكتابة إخباره به، عن أبي علي. «فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسنَةً وَفِي الآخِرَةِ» قيل: الثناء الجميل بعدنا في الدنيا والرفعة في الآخرة، وقيل: نِعَمُ الدنيا والآخرة، وقيل: الأعمال الصالحة في الدنيا وفِّقْنَا لها، وأعنا عليها، والمغفرة والجنة في الآخرة، عن الأصم.
  ومتى قيل: إذا تكفل اللَّه - تعالى - بنعم الدنيا والآخرة فما معنى السؤال؟
  فجوابنا: فيه وجهان:
  أولها: الانقطاع إليه في كل خير.
  وثانيها: أن يزيد سعة الرزق وزيادة التفضل في الجنة، ويجوز أن يكون ذلك مشروطًا بالدعاء، ومصلحة عنده.
  «إِنَّا هُدْنَا إِلَيكَ» قيل: تبنا إليك، عن ابن عباس وسعيد بن جبير وإبراهيم وقتادة ومجاهد. وقيل: تقربنا بالتوبة من الهوادة، عن أبي مسلم. وقيل: رجعنا إليك نادمين على ما أتيناه من الذنب، وقيل: ذللنا لك وخضعنا لك، حكاه القاضي. «قَالَ» - تعالى - مجيبًا لموسى #: «عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ».
  ومتى قيل: إذا كان العذاب بفعل الاستحقاق، فما معنى تعلقه بالمشيئة؟
  قلنا: فيه وجوه:
  أحدها: أن المراد بيان القدرة، أي: قادر على تعذيب من أشاء، وغفران من أشاء، ومبالغة في كونه قادرًا، ولكن لا يعذب إلا العصاة، عن أبي مسلم.
  والثاني: أن وقوعه بمشيئة له دون المغفرة.