قوله تعالى: {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون 165 فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين 166}
  أبي علي، وأبي هاشم. وقيل: إنه جعلهم قردة، وقال هذا القول لما في سماعه من المصلحة، يحكى ذلك عن أبي الهذيل، وليس بالوجه.
  ومتى قيل: خلق القردة ليس بعقوبة، فكيف عاقبهم به؟
  فجوابنا: تغيير الصور الحسنة إلى القبيحة مع قصد الإهانة واحتباس الكلام مما يعم ويضر، فيكون عقوبة.
  ومتى قيل: فيجب أن يعقلوا ذلك.
  قلنا: لا بد، وإنما غير ظواهرهم، فأما بواطنهم فعلى ما كانت.
  «خَاسِئِينَ» أي: قردة صاغرين أذلاء، عن الأصم. قال قتادة: صاروا قردة لها أذناب تعاوي بعدما كانوا رجالاً ونساء، وقيل: الخاسئ الذي لا يتكلم، عن أبي روق.
  وقيل: مطرودين مبعدين، عن أبي علي وأبي مسلم. وقيل: مكثوا ثلاثة أيام ينظر إليهم الناس، ثم هلكوا ولم يتوالدوا، عن ابن عباس. ولم يمكث مسخ فوق ثلاثة أيام، وقيل: عاشوا سبعة أيام ثم ماتوا، عن مقاتل. وقيل: توالدوا، عن الحسن، وليس بالوجه؛ لأن القردة الآن ليست من ولد آدم كالكلب، وروى ابن مسعود قال: إن اللَّه - تعالى - لم يمسخ شيئًا فجعل له نسلاً وعقبًا. وقيل: صارت الشباب قردة، والشيوخ خنازير، عن قتادة.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه - تعالى - عذب الكافرين، وخلص المؤمنين، فيدل أن ذلك جزاء لأفعالهم.
  وتدل على أن المسخ كان عقوبة لهم.
  وتدل على أن العتو والفسق فعلهم حتى استحقوا العقاب عليها، فيبطل قول الْمُجْبِرَة في المخلوق.