التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون 169 والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين 170}

صفحة 2767 - الجزء 4

  قلنا: فيه قولان:

  أولهما: «إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ» ويكون فيه فعنى التعليل، كأنه قيل: إنا لا نضيع أجر المصلحين منهم.

  وثانيهما: أن يكون مجرورا عطفا علي قوله: [«وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ»]، ويكون قوله: «إنا لا نضيع» زيادة مذكورة لتأكيد ما قبله.

  · النزول: قيل: نزل قوله: «وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ» في أمة محمد ÷ عن عطاء.

  وقيل: نزل في اليهود، عن مجاهد.

  · المعنى: لما تقدم ذكر أسلاف بني إسرائيل، وما كان منهم من الأفعال القبيحة عقبه بذكر الأخلاف، وما أحدثوا من الأفعال الذميمة، فقال سبحانه: «فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهُمْ خَلْفٌ» أي: حدث وجاء بعدهم بدلاً منهم «مِنْ بَعْدِهِمْ» أي: بعد مَنْ تقدم ذكرهم «خَلْفٌ» أي: بدل سوء، تقديره: جاء قوم سوء بعد قوم صالحين، وقيل: قوم سوء بعد قوم سوء، وقيل: الخلَف: من كان في زمن موسى، والخلْف من كان في زمن محمد ÷ ولم يؤمنوا به، والضمير في قوله: «بعدهم» قيل: يرجع إلى بني إسرائيل، وقيل: إلى اليهود المتفرقين في البلاد «وَرِثُوا الْكِتَابَ» يعني التوراة، يعني علموا الكتاب، ولكن لم يعملوا بما فيه «يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى» أي: متاع الدنيا ونعيمها، وقيل: كانوا يرتشون في تغير حكم التوراة ويغيرون صفة النبي ÷ لعوامهم، وقيل: يطلبون بعلمهم الدنيا، عن الأصم. وقيل: هو الرشوة من قضائهم على الحكم، عن سعيد بن جبير. وقيل: يتوثبون على الدنيا بالأجرة التي لا تحل، فيأخذون من كل وجه،