قوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين 172 أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون 173 وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون 174}
  إخراج النطفة وخلقه ولدًا سويًا «مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» أوْلادهم «وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ» قيل: بما ركب في عقولهم، وقيل: على لسان بعض الأنبياء «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ» خالقكم ومالككم «قَالُوا بَلَى» قيل: بما ظهر فيهم من دلائله، وقيل: نطقوا به، عن أبي علي. «شَهِدْنَا» قيل: هو خبر من اللَّه - تعالى - عن نفسه وملائكته أنهم شهدوا على إقرار بني آدم، عن السدي. وقيل: هو خبر من بني آدم أنهم قالوا: بلى شهدنا أنك خالقنا وربنا، وهو قول أكثر المفسرين وأبي علي وأبي مسلم. قال الأصم: شهدنا أي: شاهدنا الأبناء صغارًا وتتقلب الأحوال بهم حتى صاروا آباءً، فعلمنا أن ذلك ليس إلا فعلك «أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ» أي: إنما جعلنا هذا الذي تقدم ذكره لئلا تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، أي: غير عالمين بذلك، قيل: عن الآيات الدالة على التوحيد، وقيل: عما شاهدنا من الآباء والأبناء، عن الأصم. وقيل: عما أخذ اللَّه الميثاق على لسان الأنبياء، عن أبي علي. وقيل: عما لزمنا معرفته من التوحيد، عن أبي مسلم. «أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ» فكلنا على طريقتهم احتجاجًا بالتقليد وتعويلاً عليه، فقد قطعنا العذر بما بينا من الآيات «أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ» أتهلكنا بما فعل آباؤنا من الشرك وأسسوا من الباطل، عن أبي علي. وقيل: هو استفهام والمراد الإنكار أي: أنت حليم لا تأخذ الأبناء بفعل الآباء، وقد سلكنا طريقتهم فالحجة عليهم بما شرعوا لنا من الباطل، «وَكَذَلِكَ» أي: كما بينا تلك الآيات لهم كذلك نبين لكم، وقيل: كما بينا الآيات المتقدمة في السورة نبين هذه الآيات، عن أبي مسلم. وقيل: هكذا فصل اللَّه الآيات في ما خلق ودبر، عن الأصم. وقيل: كما [بينا لكم بينا] لكل العباد، عن أبي علي. «نُفَصِّلُ» نبين «الآياتِ» الأدلة والحجج «وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» أي: ليرجعوا إلى الحق، وقيل: هو شك المخاطب، وقيل: إنه يعامله معاملة الشاك من [الاختبار]، وإنما أطلق الرجوع لأن ما كانوا عليه من الباطل مذكور، فإطلاق الرجوع يقتضي ما هم عليه.
  · الأحكام: تدل الآية على أن ذرية بني آدم مخلوقة من النطفة الخارجة منْ ظهور الآباء،