قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين 175 ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون 176 ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون 177 من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون 178}
  باخترامه قبل ارتداده، لكنا عرضناه لمزيد الثواب فتولى وأعرض وارتد، وقيل: لو شئنا لرفعناه بتلك الآيات بأن يقبلها، لكنه لم يقبل ولم يعمل بها «وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ» قيل: ركن إلى الدنيا، عن سعيد بن جبير والسدي. وقيل: رضي بالدنيا، عن مقاتل. وقيل: لزم الدنيا، عن أبي عبيدة. وقيل: سكن إلى لذاتها «وَاتَّبَعَ هَوَاهُ» يعني انقاد لما دعاه إليه هواه أي: عمل بما هوى واشتهى، قال الكلبي: اتبع سَفْساف الأمور، وترك معاليها، وقيل: في اختيار الدنيا، وقيل: كان هواه مع القوم، عن ابن زيد. «فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ» في حال لهثه والتشبيه وقع بالكلب واللهث، ثم اختلفوا في وجه التشبيه، فقيل: معناه هو مُطْلِقُ لسانه في أذى المسلمين، سواء ناصبوه العداوة أو سكتوا عنه، كالكلب يلهث في جميع أحواله ضُرِبَ أو ترك، عن أبي علي. وقيل: هو ضال وعَظْتَهُ أو لم تعظه، عن معمر. وقيل: إن عرض عليه الحكمة لم يقبل وإن ترك لم يهتد، كالكلب يلهث ربض أم طرد، عن ابن عباس. وقيل: المنافق يرجع إلى الحق دُعِيَ أم لم يُدَعَ، كالكلب يلهث طُرد أم تُرِك، عن الحسن. وقيل: الكلب يلهث في جميع أحواله في حال الشبع والري، والجوع والعطش، والسراء والضراء كذلك هذا الكافر ضال، وعظته أو تركته، في السراء أو الضراء. وقيل: إشارة إلى أنه لطف لهم؛ لأن اللطف إما أن يكون نعمة أو بلية، ولا ينفعهم ذلك، كما أن الكلب لا يقلع عن لهثه بحال. وقيل: هو عالم السوء يطلق لسانه في الضلال لابتغاءِ مال أو جاه لا يبالي ما قال، لا يردعه عنه شيء، كالكلب لا يردعه عن اللهث وخصّ اللسان بالذكر؛ لأن الأذى والخوض في الباطل يكثر به «ذلك» يعني ما تقدم ذكره «مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» تحذيرًا عن مثل حالهم «فَاقْصُصِ الْقَصَصَ» أي: قص عليهم هذا الحديث على بني إسرائيل، وقيل: على قومك «لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» قيل: تفكروا أن هذا من سرائر أخبارهم لا يعلم إلا بخبر من السماء، وقيل: ليحذروا عن هذه الحالة الخسيسة، وهو التشبيه بالكلب «سَاءَ مَثَلًا» أي: بِئْسَ الصفة المضروب فيها المثل، وهو قبح حال المضروب. فيه المثل؛ لأن المثل حسرة «وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ»؛ لأن غاية فعلهم عائد عليهم والعقاب لازم لهم «مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ