قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين 175 ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون 176 ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون 177 من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون 178}
  فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ» قيل: من يهد اللَّه إلى طريق الجنة ثوابًا فهو المهتدي، ومن يضلله عن ذلك إلى النار فهو الضال الخاسر لنفسه، عن أبي علي. وقيل: من يحكم اللَّه بهدايته فهو المهتدي حقيقة، ومن يحكم بضلاله فهو الضال الخاسر، وقيل: من يهتدي بهدي اللَّه فهو المهتدي حقيقة، «وَمَنْ يُضْلِلْ» أي: ضل عن دين اللَّه بأن لم يهتد بهداه، يقال: أضل بعيره: إذا ضل عنه، «فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ» لأنفسهم بإهلاكها بالعقاب، عن أبي مسلم.
  · الأحكام: تدلُّ الآية على ذم علماء السوء حيث علموا، وتركوا العمل، ومالوا إلى الدنيا.
  وتدلُّ على خستهم حتى شبهوا بالكلب.
  وتدلُّ على أن في المكلفين منْ لا لطف له خلاف أصحاب اللطف.
  وتدلُّ على وجوب النظر والتفكر.
  وتدلُّ على أن كل مذنب يضر بنفسه ولا يؤخذ به غيره.
  وتدلُّ على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم من وجوه: منها: قوله: «فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ» دلّ أن الإتباع فعل الشيطان، وقوله: «مِنَ الغَاوِينَ» دل أن الغواية فعلهم ليصح ذمهم، وقوله: «أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ» يدل عليه، وكذلك قوله: «وَاتَّبَعَ هَوَاهُ» وكذلك قوله: «كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» وكذلك قوله: «يَتَفَكَّرُونَ» وكذلك قوله: «كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ»، وكل ذلك يصحح قولنا في المخلوق، ويبطل قولهم.
  القصة
  قد رووا في هذه الآية أشياء لا يجوز ذلك على أنبياء اللَّه - تعالى، ولا في حكمة اللَّه، ونحن نذكرها، ونميز بين الصحيح والفاسد:
  أولها: أنهم قالوا: إن الآية نزلت في قصة بلعام بن باعور، وقد بينا اختلاف