قوله تعالى: {أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين 184 أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون 185 من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون 186}
  وذلك بإملائه إياهم حتى يهلكهم، وقيل: يأخذهم بالعقوبة، ويجوز أن يكون عقوبة الدنيا، ويجوز أن يكون عقوبة الآخرة، عن أبي علي. وقيل: كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة، عن الضحاك. وقيل: سنطوي عمرهم في اغترار منهم، عن الخليل. وقيل: سنستدرجهم إلى الحق بألطاف ليؤمنوا، فإذا لم يؤمنوا فعذابه شديد لهم، وقيل: سنستدرجهم بأن نمهلهم ونحلم عنهم ولا نعاجلهم بالعقوبة مع القدرة تأكيدًا للحجة، ولذلك قال: «إِنَّ كَيدِي مَينٌ»، «وَأُمْلِي لَهُمْ» أي: أمهلهم ولا أعاجلهم بالعقاب «إِن كَيدِي مَتِينٌ» عذابي شديد، وقيل: تدبيري نافذ قوي فيهم وإن أمهلتهم، وسمي العذاب كيدًا؛ لأنه أخذ من حيث لا يشعرون تشبيهًا بمن يكيد غيره ولا يشعر هو به.
  · الأحكام: تدل الآية أنه - تعالى - يأخذ بالعذاب مَنْ كَفَرَ من حيث لا يشعرون.
  ومتى قيل: هلا كان المراد: سنستدرجهم إلى الكفر؟
  قلنا: لأن ذلك مستقبل، وقد تقدم التكذيب فهو عقوبة عليه؛ لأن الاستدراج إلى الكفر قبيح، فلا يفعله القديم سبحانه.
  وتدل على أن التكذيب فعلهم؛ فيصح قولنا في المخلوق.
  وتدل على أنه يأخذ بعد الإمهال أخذًا شديدًا، وكل ذلك تحذير عن مخالفة أمره.
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ١٨٤ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ١٨٥ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١٨٦}