قوله تعالى: {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون 203}
  من قبل نفسك. وقيل: هلا اخترتها فجئت بها من السماء؟، عن الضحاك. وقيل: معناه إن كنت صادقًا فأتنا بالآية التي طلبناها منك، فأمر اللَّه - تعالى - نبيه ÷ بجواب شافٍ، وقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ» قيل: يعني ليس الأمر في الآيات إليّ، فأنبئكم بها، وإنما هو إلى اللَّه تعالى. وقيل: القرآن وحيه، فأتبع وَحْيُهُ متى نزل، وليس إنزاله إليّ. وقيل: أتبع الشرائع بما يأمرني به اللَّه؛ لأنه العالم بالمصالح ولا أشرع شيئًا من تلقاء نفسي، عن أبي مسلم. وقيل: أنا لا أعرف المصالح، فلا أسأل إلا ما يوحى إليّ فيه؛ لأنه - تعالى - العالم بالمصالح، «هَذَا» قيل القرآن، وقيل: الوحي، وقيل: ما يثبت لكم من دلائل التوحيد والعدل والنبوات والشرائع، وهو معجز، فالناظر فيه يعرف الحق، كما أن المدرك بالبصر يتحقق كون المدرك، فطلبُ غيره عبث، وقيل: هذا طريق «مِنْ رَبِّكُمْ»، عن الزجاج. «وَهُدًى» أي: دلالة تهدي إلى الرشد «وَرَحْمَةٌ» يعني في الدين والدنيا «لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» خصهم بالذكر؛ لأنهم المنتفعون به، وإلا فهو هُدًى ورحمةٌ لجميع الخلق.
  · الأحكام: تدل الآية أنه - تعالى - بَيَّنَ الآيات بحسب المصلحة، لا بحسب اقتراحهم؛ لأن ذلك قد يكون فسادًا.
  ويدل قوله: «هذا بصائر» أن المعارف مكتسبة.
  وتدل أن جميع ما يقوله الرسول، ويفعله من الشرع من وَحْيِهِ؛ لذلك أطلق: «أتبع ما يوحى إليَّ».
  ومتى قيل: هل تدل على أنه لا يجتهد ولا يقيس؟
  قلنا: لا؛ لأن القياس والاجتهاد إذا كان متعبدًا به فاتباعه اتباع الوحي، كالعامي يقبل من المفتي، والعالم يجتهد، ويتبع الوحي، كذلك هذا، والذي يدل عليه أن النبي ÷ لا يفعل شيئًا ولا يشرع شيئًا من تلقاء نفسه حتى يؤمر به.