قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون 2 الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم 4}
  مؤمنًا إلا أن تكون صفته كذا و «الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ» قيل: ذكر توحيده وصفاته ووعده ووعيده «وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ» يعني خافت، قيل: هو مَنْ يهم بمعصية فيذكر اللَّه فيفزع، عن السدي. وقيل: أشفقوا أَلَّا يقوموا بحق اللَّه عليهم، عن الأصم.
  ومتى قيل: لم جاز وصفهم ههنا بالوجل وبالطمأنينة في قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ}؟
  فجوابنا: فيه وجوه:
  منها: أنه تطمئن قلوبهم عند ذكر اللَّه ونعمه، وتوجل لخوف عقابه بارتكاب معاصيه، عن علي [بن عيسى].
  ومنها: أن قلوبهم تطمئن بمعرفته ومعرفة توحيده وعدله، ووعده ووعيده، فعند ذلك توجل لأوامره ونواهيه ووعده ووعيده، فتخاف التقصير في الواجبات والإقدام على المعاصي في المستقبل، وأن تتغير حاله. وقيل: إنه يخاف تقصيرًا كان منه.
  وقيل: هو لا يأمن في الدنيا، ولا يخلو من الهم، وإنما يأمن من العقاب في الآخرة.
  «وَإذَا تُلِيَتْ عَلَيهِمْ» قرئت «آيَاتُهُ» حججه، قيل: القرآن «زَادَتْهُمْ إِيمَانًا» قيل: تصديقًا إلى تصديقهم، عن ابن عباس. وقيل: اعتقادًا لصحة ما نزل في الحال إلى اعتقاد صحة ما نزل من قبل. وقيل: يقينًا إلى يقينهم، عن الضحاك. «وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» أي: يفوضون أمرهم إليه، ويتقون برحمته، فلا يرجون غيره، ولا يخافون سواه «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ» أي: يؤدونها بشرائطها في أوقاتها «وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ» أي: أعطيناهم من النعم «يُنْفِقُونَ» قيل: ينفقون على نفسه وعياله، عن أبي مسلم. وقيل: أراد أنهم ينفقون الحلال، عن أبي علي. وقيل: ينفقون في سبيل الخير كالصدقة والمساجد والجهاد ونحوه، عن أبي علي. وقيل: هو الزكاة المفروضة. وقيل: النفقات الواجبة عليه «أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا» قيل: هم المؤمنون في الحقيقة مَنْ أخلص الإيمان فوق من كان له ظاهر من غير حقيقة، وقيل: المؤمن من يأتي بخصال