قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون 2 الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم 4}
  ومنها: ألا يحبسه عن حقوقه خشية الفقر.
  ومنها: ألا يسرف في النفقة ولا يقتر، فعند اجتماع هذه الخصال يصير متوكلاً.
  فأما الذي يزعمه بعضهم أن التوكل إهمال النفس وترك العمل - فليس بشيء، وقد أمر اللَّه - تعالى - بالإنفاق وبالعمل، وثبت عن الصحابة - وهم سادات الإسلام - التجارة والزراعة والأعمال، وكذلك التابعون، وبهذا أجرى اللَّه - تعالى - العادة، وقد وردت السنة أنه أمر الأعرابي بأن يعقل ناقته ثم يتوكل.
  فأما الدين فخصال:
  منها: أن يقوم بالواجبات ويجتنب المحارم؛ لأنه يصل بذلك إلى الجنة والرحمة.
  ومنها: أن يسأله التوفيق والعصمة.
  ومنها: أن يرى جميع نعمة الدين إذ حصل بهدايته وآلته وتمكينه ولطفه.
  ومنها: ألا ينوي بطاعته جملة بل يطيع، ويجتنب المعاصي، ويرجو رحمة ربه، ويخاف عذابه، فعند ذلك يكون متوكلاً.
  ولو أن رجلاً ترك الصلاة والصوم متوكلاً، فإن العلماء لا يعدونه متوكلاً، بل يعدونه عاصيًا.
  وتدل على وجوب الصلاة. وتدل على وجوب الإنفاق، وتدخل فيه كل نفقة واجبة كالزكوات ونفقة الزوجات وغير ذلك. وتدل على أن الرزق منه ما يكون حلالاً؛ لذلك مدحه بإنفاقه؛ لأن نفقة الحرام مذمومة.
  ومتى قيل: عندكم بهذه الخصال لا يكون مؤمنًا، فقد يكون معها فاسقًا إذا ترك خصالا أخر.