قوله تعالى: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون 5 يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون 6 وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين 7 ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون 8}
  الثالث: أن يعمل فيه معنى الحق، يعني هذا الذكر حق كما أخرجك بالحق.
  ومتى قيل: ما عامل الإعراب في قوله: «أَنَّهَا لَهُمْ»؟
  قلنا: (يعدكم) على النصب عن إحدى، تقديره: يعدكم إحدى، ويعدكم أنها لكم، ونظيره: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} عن الزجاج.
  «ويريد اللهُ» عطف على «تودون»، وكلاهما عطف على «وَإِذْ يَعِدُكُمُ»، عن أبي مسلم. وإنما أنث «ذَاتِ الشَّوْكَةِ»؛ لأنهم تمنوا إحدى العيرين، إما عير أبي سفيان، وإما عير أخرى فتمنوا الذي لا شوكة فيها، فلذلك أنث فقال: «ذَاتِ الشَّوْكَةِ» «ليحق الحق». وقيل: لكي يحق الحق، وقيل: اللام بمعنى (أنْ) كقوله: «يريدون ليطفؤا» أي: يطفئوا، وكذلك في موضع آخر أن تطفئوا، عن أبي مسلم.
  · النزول: قيل: نزلت الآيات في غزوة بدر، عن جماعة من المفسرين، وذلك أن النبي ÷ استنفر أصحابه للعير، فلما ذهب أبو سفيان بالعير نزل جبريل بقوله: «وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ».
  · النظم: اختلفوا في اتصال الآية بما قبلها والجالب للكاف والمشبه به، فقيل فيه تقديم وتأخير، وتقديره: ليحق الحق وإن كرهوه كما أخرجك من بيتك مع كراهتهم، قال: ونزل قوله: «ليحق الحق» قبل قوله: «كَمَا أَخْرَجَكَ»، عن الحسن.