قوله تعالى: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون 5 يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون 6 وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين 7 ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون 8}
  · المعنى: «كمَا أَخْرَجَكَ» يا محمد «رَبُّكَ مِنْ بَيتِكَ» يعني من المدينة إلى بدر، عن الحسن وابن جريج وجماعة. «بِالْحَقِّ» أي: أمر بالحق لتخرج، وقيل: ما أخرجك إلا لينصرك، فكما أخرجك كذلك ينصرك وعدًا حقًّا، وقيل: بالحق؛ لأن الخروج للجهاد «وَإنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» طائفة منهم «لَكَارِهُونَ» قيل: كراهة الطباع لما فيه من المشقة، وهي أمدح؛ لأنهم خرجوا مع المشقة المكروهة، وقيل: كرهوا قبل أن يعلموا أنه - تعالى - أمرهم به وأن رسوله قطع العزم، فلما علموا خرجوا، وقيل: كرهوا لأنه ÷ لم يعلمهم بالقتال حتى لا يبلغ العير خبرهم ووعدهم إحدى الطائفتين، فخرجوا غير متأهبين، وقيل: لم يعلموا أنه - تعالى - ينصركم ويمددكم بالملائكة، وقيل: كرهوا لأنهم لقوا الآباء والأبناء والأقارب، وليس بشيء؛ لأنه عام وهذا خاص في بعضهم، ولأن أكثر أهل بدر كان من الأنصار، وبأن المسلم لا يكره قتال الكفار وإن كان قريبا «يُجَادِلُونَكَ» قيل: يخاصمونك، قيل: قوم من المؤمنين قالوا: لو يعلمنا أنا نلقى العدو فنستعد له، وإنما أخرجنا للعير، عن ابن عباس وأبي إسحاق وأبي علي. وإنما جادلوا طلبًا للرخصة لا ردًّا لأمر اللَّه، وقيل: قوم من المشركين، عن ابن زيد. جادلوا «فِي الْحَقّ» «كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ» حين يدعون إلى الإسلام، والأول الوجه؛ لأن سياق الكلام حكاية عن المؤمنين. واختلفوا في المجادلة كما اختلفوا في المجادِل، قيل: طلبوا الرخصة في التأخر ليأخذوا الأهبة، وقيل: قالوا: لم يعلمنا بلقاء العدو لنستعد للقتال، وليس معنا عدة ولا شوكة، وقيل: في الأمر والإلزام طلب الرخصة مع العلم به كقولهم في الحج: