قوله تعالى: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون 5 يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون 6 وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين 7 ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون 8}
  وتدل على معجزة للرسول ÷ من حيث وعدهم إحدى الطائفتين، إما العير وإما النفير، فَوُجِدَ كما أخبر.
  وتدل على أن كراهة إبطال الباطل مذموم؛ لذلك ذم المشركين به، فلا يجوز عليه تعالى.
  وتدل على أن الجدال والكراهة فِعْلهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والإرادة.
  القصة
  المروي عن ابن عباس، ومحمد بن إسحاق بن بشار، والسدي وغيره [من] أهل النقل: أن كرز بن جابر أغار على سرح المدينة، وذهب به حتى بلغ الصفراء، وتبعه رسول اللَّه ÷، ففاته كرز، ورجع رسول اللَّه ÷ إلى المدينة، ثم إن أبا سفيان قدم الشام في عير لقريش، ومعهم مال عظيم، وهي اللطيمة، وفيها أربعون رَاكِبًا من كبار قريش، وبلغ ذلك إلى النبي ÷، فجمع أصحابه وأخبرهم به وبقلة العدد وكثرة المال، وأمرهم بالخروج، فخرجوا لا يريدون إلا أبا سفيان والعير، ولم يعلموا الرسول، فبعث [ضمضم] بن عمرو الغفاري إلى مكة ليستنفر قريشًا، فلما أتى مكة، وأخبرهم بذلك غضبوا، وخرجوا، وقالوا: من لم يخرج تهدم داره، وفاتت العير لأنهم سلكوا طريقًا آخر، ونزل جبريل وقال: إن اللَّه - تعالى - وعدكم إحدى الطائفتين، وأمره بالخروج للجهاد، واستشار النبي ÷ أصحابه، فقال جماعة من المهاجرين وأحسنوا منهم أبو بكر وعمر، فقال ÷: «أشيروا عليّ، يريد الأنصار»؛ لأن أكثر الناس منهم ولأنهم حين بايعوه بالعقبة، قالوا: إنا براء من دمائك حتى تصل