التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام 11 إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان 12 ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب 13 ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار 14}

صفحة 2866 - الجزء 4

  كم يد من خصلة مباركة ... لحسنها بالبنان حاسمها

  وقال آخر:

  وَأَطْرَافُ الْبَنَانِ عَنَمْ

  وأصله من اللزوم، يقال: أَبَنَّ بالمكان لزمه، فسمي البنان؛ لأنه يلزم ما انقبض عليه. والشقاق: العصيان، وأصله الانفصال من قولهم أشق اشتقاقًا، وشقه شقًا، ومنه: المشاقة، كأنه صار في شق عدوه، ومنه: اشتقاق الكلام؛ لأنه انفصال الكلمة عما تحتمله في الأصل.

  · الإعراب: مَنْ نَصب (النعاسَ) فلأنه جعله مفعولاً، ومن رفعه أسند الفعل إليه. «أمنةً» نصب لأنه مفعول، والعامل «يغشى» لقولك: فعلت ذلك حَذَرَ الشر، عن الزجاج، وقوله: «يُشَاقِقِ» يجوز فيه الإظهار والإدغام، وورد القرآن بهما؛ لأنه في موضع جزم، فإما أن يأتي بالأصل للحاجة إلى حركة الأول، وإما أن يحرك لالتقاء الساكنين بالكسر، ويجوز الفتح، والأول أجود مع الألف واللام لتأكيد سببه. قوله: «ذلكم» لا موضع له من الإعراب؛ لأنه حرف خطاب، والعامل في ذلك، قيل: الابتداء بتقدير: إلا من ذلكم، كقول الشاعر: