التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام 11 إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان 12 ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب 13 ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار 14}

صفحة 2869 - الجزء 4

  فانصروهم وثبتوهم «فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا» قيل: بقتالهم معهم يوم بدر، عن الحسن.

  وقيل: بحضورهم معهم في الحرب مددًا وعونًا، وقيل: بإعلامهم لهم أن لابأس عليهم من عدوهم، وإلقائهم ذلك إليهم في أبي علي. وقيل: كانوا في صور الرجال يقولون: إن اللَّه معكم؛ لأنكم أهل دينه، وأنصار رسوله، وهم أعداء اللَّه، وحزب الشيطان، وقيل: قال جبريل #: قل لهم: إن اللَّه وملائكته معكم، فأخبرهم بذلك فأمنوا، وقيل: بإلقاء الرعب في قلوب المشركين، وإلقاء الأمن في قلوبهم فثَبَتوا، قيل: وآزروهم وعاونوهم، عن أبي إسحاق والمبرد. «سَأُلْقِي فِي قُلُوب الَّذِينَ كفَرُوا الرُّعْبَ» يعني الخوف، أخبر به الملائكة ليخبروا به المؤمنين، وعن النبي ÷: «نصرت بالرعب» ثم علمهم كيفية القتل والضرب، فقال سبحانه: «فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ» قيل: هو أمر الملائكة يتصل بقوله «فثبتوا»، وقيل: بل أمر المؤمنين «فَوْقَ الأَعْنَاقِ» قيل: فاضربوا الأعناق، عن عطية والضحاك وأبي علي، كقوله: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} قال الأصمعي: وسورة محمد نزلت بعد بدر، وقيل: الأعناق فما فوقها عن ابن عباس، وقيل: (فوق) بمعنى (على) أي: فاضربوا على الأعناق، وقيل: فاضربوا الرؤوس فوق الأعناق، عن عكرمة وأبي مسلم. «وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ» أي: أطراف اليدين والرجلين، عن ابن عباس والسدي والضحاك وابن جريج. وقيل: أراد ضرب الأصابع، عن أبي علي، ضرب الأيدي، عن أبي مسلم. وقيل: كل مفصل، عن عطية. وقيل: فاضربوا فوق الأعناق يعني الصناديد، وكل بنان يعني السفلة، عن نمار بن زياد، وليس بشيء؛ لأنه خلاف الظاهر، ولا يحتمله اللفظ.