التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين 19 ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون 20 ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون 21}

صفحة 2885 - الجزء 4

  وقيل: لما خرجوا من مكة أخذوا بأستار الكعبة، وقالوا: اللَّهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين، وأَكْرَمَ الحزبين، وأفضل الدينين، فنزلت الآية.

  وقيل: استفتحوا العذاب بقوله: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ} الآية، ففعل بهم يوم بدر.

  الثاني: أنه خطاب للمسلمين حيث سألوا اللَّه النصر والفتح، فأنزل اللَّه - تعالى - هذه الآية، عن أُبَيٍّ بن كعب وعطاء وأبي علي.

  وعن خباب بن [الأرت قال]: شكونا إلى رسول اللَّه ÷ فقلنا: ألا تستنصر لنا، فاحمر وجهه، وقال: «إن كان الرجل قبلكم يحفر له في الأرض ثم يقطع بالمنشار ويمشط بأمشاط الحديد، ما يصرفه عن دينه، وليظهرن اللَّه هذا الأمر حتى [يسير] الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخشى إلا اللَّه، ولكنكم تستعجلون».

  · المعنى: لما تقدم الأمر بالقرآن والوعد بالنصر [بَيَّنَ ههنا] إنجاز الوعد، فقال سبحانه: «إِنْ تَسْتَفْتِحُوا» أي: تستنصروا اللَّه، وتسألوه النصر، خطاب للمؤمنين، عن عطاء وأبي علي. وقيل: [خطاب للكفار] عن الحسن ومجاهد والسدي. «فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ» يعني النصر لأهل الحق، وقيل: النصر بالنبي ÷ «وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» فيه قولان:

  والأول: أنه خطاب للكفار إن ينتهوا؛ أي: يمتنعوا عن الكفر وقتال