قوله تعالى: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين 19 ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون 20 ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون 21}
  الرسول والمؤمنين «فَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ» «وَإِنْ تَعُودُوا» لمحاربته «نَعُدْ» لنصرته والانتقام منكم بالقتل والأسر «وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيئًا» يعني جمعكم لا في الدنيا ولا في الآخرة، عن الحسن والأصم وجماعة.
  الثاني: أنه خطاب للمؤمنين، أي: إن تنتهوا عما كان منكم في الأسر والغنيمة ومخالفة الرسول فهو خير لكم، وإن تعودوا لمخالفته نعد لترك نصرتكم، ولن يغني حينئذ جمعكم متى لم ينصركم اللَّه، ذكر الأصم إن تسألوا البرهان على أولاكم بالحق، فقد جاءكم يوم بدر، فإن تنتهوا عن الكفر فهو خير لكم، وإن تعودوا فيه نعد في العقوبة «وَلَوْ كَثُرَتْ» يعني كثرة الجموع لا تغني «وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ» بالنصر والمعونة، فاطلب النصر منه بالإيمان والطاعة لا بالمعصية.
  ثم أمر بالطاعة التي هي سبب لنصره، فقال سبحانه: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ» قيل: لا تعرضوا عن القرآن وأنتم تسمعون مواعظه وأوامره ونواهيه، عن ابن عباس. وقيل: عن الرسول وأنتم تسمعون دعاءه لكم وأمره ونهيه إياكم، وقيل: لا تتولوا عن الرسول والحرب، وأنتم تسمعون نداه إياكم إلى محاربة أعدائكم، وقيل: تسمعون الحجة، عن الحسن. وقيل: لا تعرضوا عن أمره، وأنتم تسمعون حججه، عن الأصم. «وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ»، وقيل: «وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا» سماع عالم به قابل له، وليسوا كذلك، عن ابن إسحاق وأبي علي. وقيل: «قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ» أي لا ينتفعون بسماعه أي: لا يتعظون، فكأنهم لم يسمعوا في الحقيقة، وقيل: «قَالُوا