التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون 22 ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون 23}

صفحة 2889 - الجزء 4

  ولم يقل التي، وقد ذكَّر الدابة؛ لأن المعني به الرجالُ، والرجال من الدواب؛ لأن كل. ما يدب فهو دابة.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في بني عبد الدار بنقصي، قالوا: نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد، فقتلوا جميعًا بِأُحُدٍ، وكانوا أصحاب اللواء غير رجلين مصعب بن عمير، وآخر معه، عن ابن عباس وابن زيد. وقيل: لم يسلم منهم إلا رجل واحد.

  وقيل: نزلت في جماعة من مَرَدَةِ المشركين كانوا يسألون النبي ÷ عن أشياء، فإن أنبأ عنها كذبوه وقالوا: لو نشاء لقلنا مثل هذا، حكاه الأصم.

  · المعنى: لما نهى عن التشبه بالكفار بين حالهم فقال: «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ» يعني شر الخلق، وشبه الكفار بالدواب ذمًا لهم؛ لأنهم لا ينتفعون بما يسمعون، ولا يتدبرون، ولا يعقلون، وهذه طريقة مذمومة في العقلاء غير مذمومة في الدواب، ولأن معرفة الدين واجب، فإذا لم يعرفوا استحقوا العقاب والدواب لا تستحق عذابًا «عِنْدَ اللَّهِ» أي: في حكمه «الصُّمُّ البُكْمُ» قيل: التصامم عن سماع الحق فلا يقبله، ولا يقوله، ولا يبصر، كالأصم والأبكم والأعمى، وقيل: الأصم: الآذان عمي القلوب، عن ابن زيد، كقوله: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} «الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ» قيل: لا يعلمون أمر اللَّه ونهيه، وقيل: لا يعلمون ما لهم في اتباع الرسول من الثواب، وما عليهم في مخالفته من العقاب «وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ» أي: لو علم أنهم يصلحون بما يورده عليهم من حجة وآية لأسمعهم إياها، ولكن لا يصلحون، «لَأَسْمَعَهُمْ» قيل: الحجج والمواعظ سماعَ تَفَهُّم وتعليم، عن