التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون 24 واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب 25}

صفحة 2893 - الجزء 4

  الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ» قيل: أجيبوا، عن أبي عبيدة والزجاج. وإجابته طاعته في ما أمر ونهى، وقيل: داوموا على ما أنتم عليه من الإجابة لله «وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ» واللام بمعنى إلى.

  واختلفوا في قوله: «يُحْيِيكُمْ» قيل: الإيمان يحييهم بعد موتهم أي كفرهم، عن السدي. وتقديره: إذا دعاكم إلى الإيمان والطاعات التي هي حياة النفس، وقيل: إلى الحق، عن مجاهد. وقيل: هو القرآن في الحياة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة، عن مجاهد.

  وقيل: هو الجهاد؛ أي: دعاكم إلى إحياء أمركم وإعزاز دينكم لجهاد عدوكم مع نصر اللَّه إياكم، عن محمد بن إسحاق والفراء وأبي علي. وقيل: هو العلم والعمل، أي: يحييكم بالعلم والعمل [فبهما تهتدون] وتنالون الدرجات، وقيل: هو الشهادة، عن [القتبي]، وقرأ: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} وقيل: إلى الجنة وما يورثكم فيها من الحياة الدائمة ونعيم الأبد، عن أبي مسلم.

  «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ» قيل: يفرق بين المرء والانتفاع بقلبه بالموت أو إذهاب اللب أو غيره من الآفات فلا يمكنه استدراك ما فات، عن أبي علي وأبي مسلم. وفيه حث على الطاعة قبل حلول المانع، وقيل: يحول بين المرء وبين ما يتمناه ويريد بقلبه، فالأجل حال دون الأمل، والتقدير منع التدبير، وقيل: