التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون 27 واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم 28}

صفحة 2902 - الجزء 4

  المعاصي، فتكونوا قد خنتم، عن قتادة وابن زيد. «أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» قيل: وأنتم تعلمون أنها أمانة من غير شبهة، وقيل: وأنتم تعلمون ما في الخيانة من العقاب خلاف الجهال بتلك الحال. «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ» قيل: اختبار وامتحان شديد في التكليف، عن أبي علي. وهو عام، وإنما خص المال والولد لأنهما الداعيان إلى الخيانة والحرص الشديد في تميز المال، وعاقبة من ظهرت خيانته لأجلها العقاب، ومن حسن ولم يخن الثواب، وقيل: سماها فتنة؛ لأن العبد يحب البقاء لأجلها، ويترك الجهاد في سبيل اللَّه. قال ابن مسعود: ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة لأنه - تعالى - يقول: «أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ»، فمن استعاذ بِاللَّهِ فليستعذ من مضلات الفتن، وسمع عمر بن الخطاب رجلاً يقول: اللَّهم إني أعوذ بك من الفتن، فقال: إذن يقل مالك وولدك، قل: إني أعوذ بك من مضلات الفتن، وقيل: كان لأبي لبابة في قريظة مال وولد، فأراد أن يتقرب إليهم بإعلامهم ذلك مخافة ماله وولده.

  ومتى قيل: إذا أمر بالعلم بذلك فما طرائق هذا العلم؟

  فجوابنا: التفكر (في) في أحوالهما وزوالهما، وقلة الانتفاع بهما، وكثرة الضرر أن تعصي بسببهما.

  «وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ» أي: ثواب عظيم يستحق بطاعته.