التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم 29}

صفحة 2905 - الجزء 4

  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟

  قلنا: قيل: إنه يتصل بأول السورة والأمر بالجهاد، تقديره: إن تتقوا مخالفة اللَّه فيما يأمركم من جهاد عدوكم «يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا» أي: برهانًا يفرق بين الحق والباطل، عن الأصم. وقيل: لما أمر بطاعته وترك الخيانة فيها بيَّن ما أعد لِمَنْ يمتثل أمره في الدنيا والآخرة.

  · المعنى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ» قيل: إن تتقوا معاصيه والخيانة في أوامره ونواهيه، وقيل: تتقوا عقابه بطاعته «يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا» قيل: هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل، عن ابن زيد وابن إسحاق. وقيل: مخرجًا في الدنيا والآخرة، عن مجاهد ومقاتل. وقيل: نجاة [من كل غَمٍّ]، عن السدي وعكرمة. وقيل: فتحًا ونصرًا، عن الفراء والكسائي، نحو قوله: {يوم الفرقان} وقيل: بيانًا، عن الضحاك. وقيل: نصرًا وعزًا وثوابًا لكم، وعلى أعدائكم خذلانًا وعقابًا وذلاً، كل ذلك يفرق بينكم وبين الكفار في الدنيا والآخرة، عن أبي علي، وهو اختيار القاضي. وقيل: يميز بينكم وبين الكفار؛ يعني: يعزكم ويذلهم، ويمدحكم ويذمهم، ويثيبكم ويعاقبهم عن أبي مسلم. «وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ» قيل: يكفر الصغائر باجتناب الكبائر، وتغفر الكبائر بالتوبة، «وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» أي: يعطي النعم العظيمة، وقيل: معناه أنك تملك النعم العظيمة، فينبغي أن تطلب عن أبي علي. وقيل: إذا ابتدأكم بالفضل العظيم فهو كريم لا يمنعكم ما استحققتم من الثواب بطاعتكم؛