التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون 33 وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون 34}

صفحة 2914 - الجزء 4

  به محمد ÷ من القرآن «فَأَمْطِرْ عَلَينَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ» كما أمطرتها على قوم لوط، وقيل: قالوه عنادًا، وقيل: قالوه لأنهم اعتقدوا فيه أنه ليس بحق؛ لذلك قالوا، عن أبي علي. «أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» موجع، كما عذبت الأمم.

  · الأحكام: تدل الآية على إعجاز القرآن؛ لأنهم مع سماعهم التحدي به وشدة حرصهم على بطلان أمر النبي ÷ وادعائهم أنهم يقدرون على معارضته لم يأتوا بمثله، فذاك أنه من عند اللَّه، وأنهم يكذبون في دعواهم، وقد يمكن إظهار القدرة والدواعي متوفرة والأمر متعذر، فيدل على كذب قائله، ومن وجه آخر، وهو أن سؤالهم العذاب وقولهم: إنه أساطير الأولين، من أدل الدليل على إعجازه؛ إذ لو قدروا على مثله لأتوا به مع أن فيه إبطال أمره، وفيما عدلوا إليه ليس فيه إبطال أمره.

  وتدل على أنهم كانوا يسمعون ويقولون، بخلاف قول الْمُجْبِرَةِ: إنهم صم بكم عمي.

  وتدل على أن ذلك القول فعلهم، فيصح قولنا في المخلوق.

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ٣٣ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٣٤}